اسم الکتاب : رسائل آل طوق القطيفي المؤلف : الشيخ أحمد آل طوق الجزء : 1 صفحة : 40
فلو فكّر في
تصوّر الإنسان وتنقّله من الماء المهين إلى أن يكون إنساناً [ يحاول [١] ] بعقله علم
ما في باطن السماوات وتخوم الأرضين ، مع عجزه في كلّ أحواله عن جلب رزقه وما يصلحه
ويزينه ، وعن دفع المهلكات عن نفسه ، لعلم أن له صانعاً لا يشبهه شيء ولا يعجزه
شيء ، غنيّ عمّن سواه بذاته ، حكيم عليم.
وبالجملة ، فطر العقول مقرّة بالضرورة أن كلّ أثر وصنع وخلقٍ لا
بدّ له من مؤثّر وصانع وخالق لا يشبهه.
في كونه تعالى غير مصنوع
فإذا علمت أن
لهذا الخلق خالقاً موجوداً لوجود الصنع واستمراره ودوامه ، عرفت أن لهذا الخلق
صانعاً غير مصنوع ؛ إذ كلّ مصنوع يفتقر إلى صانع ؛ فإمّا أن يكون في الوجود صانع
غير مصنوع ، أو لا يوجد مصنوع ، وقد وجد مصنوع ، ومتى وجد مصنوع لزم وجود صانع غير
مصنوع.
في كونه تعالى واحداً
فاعلم أن صانع
هذا الخلق واحد حقيقيّ ، بمعنى أنه لا يشبهه شيء ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ
شَيْءٌ )[٢] ؛ إذ لو كان له شبهٌ لم يتميّز الخالق من المخلوق ، ومن
المحال أن يكون أحد المتماثلين خالقاً والآخر مخلوقاً ؛ إذ لا يُعرف الخالق. مع أن
حقيقة الخالقيّة ومعناها مباينة لمعنى المخلوقيّة وحقيقتها ، لأن الخالقيّة فعل
وإفاضة ، والمخلوقيّة انفعال وقبول استفاضة ، فمحال أن يكونا مثلين.
وأيضاً لو كان
له تعالى شبه لاحتاج كلّ منهما إلى ما يميّزه من الآخر ؛ إذ من المحال أن يكون
اثنان لا يتميّز أحدهما [ من [٣] ] الآخر ، ولمّا كانا اثنين متشابهين والمميّز لكلّ
منهما عن شبهه حاكماً على كلّ منهما بأنه هو ، وأنه غير الآخر ، ومبيّناً