إيجاب
السبب ، فإنّ العقل يستبعد تحريم المعلول من دون تحريم العلّة. وكذا إذا كانا
معلولين لعلّة واحدة ؛ فإنّ انتفاء التحريم في أحد المعلولين يستدعي انتفاءه في
العلّة * ، فيختصّ المعلول الآخر الّذي هو المحرّم بالتحريم من دون علّته. وأمّا
إذا انتفت العلّيّة بينهما والاشتراك في العلّة ، فلا وجه حينئذ لاقتضاء تحريم
اللازم تحريم الملزوم ؛ إذ لا ينكر العقل تحريم أحد أمرين متلازمين اتّفاقا ، مع
عدم تحريم الآخر.
وقصارى
ما يتخيّل : أنّ تضادّ الأحكام بأسرها يمنع من إجتماع حكمين منها في أمرين
متلازمين.
المقتضي لانتفاء
بعض شروط الاقتضاء ، نظرا إلى أنّ الإرادة المنوطة بالاختيار لا تحدث بالنسبة إلى
الضدّين ، لا بمعنى أنّ كلاّ مانع عن الاخرى حتّى يتفرّع عليه تمانع الأضداد
الوجوديّة الّتي أبطلناه ، بل بمعنى كون انتفاء إحدى الإرادتين مع وجود الاخرى
معلولين لعلّة مشتركة بينهما ، فإن كان الداعي إلى انتفاء إرادة ذي المقتضي هو
الإكراه الّذي هو المانع عن الاقتضاء فهو الداعي إلى وجود الإرادة الاخرى ، وإن
كان الداعي إلى الأوّل هو الخوف فهو الداعي إلى الثاني ، وإن كان الداعي إلى
الأوّل التماس الغير فهو الداعي إلى الثاني.
وبالجملة لا تمانع
بين الأضداد الوجوديّة ولا مقدّماتها الاختياريّة ولا الغير الاختياريّة ، فكلّ
متقابلين من الوجود والعدم في تلك السلسلة من أوّل المقدّمات إلى آخرها متى يتحقّق
ذي المقدّمة معلولان لعلّة واحدة ، ولأجل ذلك صار الضدّين ممتنعي الاجتماع.
والمقام الرابع :
في المتلازمين لمجرّد عدم الانفكاك أحيانا ، فالكلام فيه بالنسبة إلى جواز اجتماع
الوجوب مع غير الحرمة والكراهة واجتماع الحرمة مع غير الوجوب والندب كما تقدّم ،
وبالنسبة إلى غيره يأتي تحقيقه في بحث اجتماع الأمر والنهي ، ولعلّنا نكتفي في
محلّ البحث بهذا المجمل تحرّزا عن الإطناب.
* وكأنّ وجهه ما
أشرنا إليه في تقرير الاعتراض عند ما قرّرناه من جواز تحريم العلّة وإيجابها دون
المعلول : من أنّ ترك المعلول وفعله لا يتأتّيان إلاّ بترك العلّة وفعلها ، فتجويز
تركه أو فعله تجويز لتركها أو فعلها وهو لا يجامع الإيجاب والتحريم ، وبذلك يندفع