الأصحاب ـ فالمناسب
له حينئذ إنّما هو إرادة الطلب من « الأمر » كما لا يخفى ، بل هو المتعيّن نظرا
إلى أنّ الاتّباع بمعنى التأسّي الّذي يعبّر عنه في الفارسيّة بـ « پيروى كردن »
لا يضاف إلاّ إلى الذات فيقال : « اتّبع زيدا » ولا يقال : « اتّبع فعل زيد ».
نعم الاتّباع
بمعنى الإطاعة والانقياد المعبّر عنه في الفارسيّة بـ « فرمان بردارى » يضاف إلى «
الأمر » بمعنى الطلب ، فوجب حمله عليها ويلزمه حمل « الأمر » على المعنى الطلبي.
وأمّا الآية
الثانية : فلجواز كون المراد به الأمر التكويني ، ويكون إثبات الوحدة له وتشبيهه
بلمح البصر كفاية عن سرعة ترتّب الكون للكائنات على هذا الأمر بلا تراخ ومهلة ،
بقرينة ما تكرّر منه تعالى أيضا من قوله : ( إِذا أَرادَ شَيْئاً
أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ )[١].
ومنها : الحادثة ،
نصّ عليها في القاموس وغيره ، وقضيّة حجّيّة قول اللغوي ـ على ما تقرّر في محلّه ـ
ثبوت الوضع لهذا المعنى أيضا إن أفاد الوصف ، وإلاّ فأصل الاستعمال فيها بالخصوص
غير ثابت ، وقوله : « عرض بي أمر » ليس نصّا في ذلك ، لجواز كونه مرادا به ما ذكر
، ومن هنا ـ مع ما سبق ـ ينقدح ما في القول بالاشتراك بينهما معنى ـ على ما حكاه
الحاجبي والعضدي ـ كما في كلام بعض الأفاضل.
ومنها : الشيء
والغرض والطريق والصفة ، كما نقل القول بالاشتراك بينها وبين المعنيين عن أبي
الحسن البصري.
وممّا ذكرنا ينقدح
ما فيه أيضا ، من عدم ثبوت أصل الاستعمال ، وأول الموارد المذكورة ـ لإطلاقه عليها
ـ إلى ما ذكر ، والاستدلال عنه بتردّد الذهن وحصول [ الترديد ] عند سماع قول
القائل : « أمر فلان كذا » بينها واضح المنع ، فإنّه بالنسبة إلى المعنيين مسلّم
كما تقدّم ، وأمّا بالنسبة إلى غيرهما فهو فرع التبادر ، وهو غير حاصل جدّا.
وأمّا ما عن بعضهم
من اشتراك « الأمر » بين القول المخصوص والأدلّة العقليّة على وجوب الأفعال ،
فلعلّه غير مخالف لما سنحقّقه ، من كون « الأمر » بالمعنى الأوّل عبارة عن الطلب
مع القيود المعتبرة فيه الّتي يأتي بيانها ، من غير فرق فيه بين كونه بالقول أو
بغيره ، من كتابة أو إشارة أو روع في القلب ، أو رؤيا في النوم ، وأشباه ذلك ،
فيندرج فيه ما يستقلّ بوجوبه العقل ، فينطبق عليه حينئذ الأدلّة العقليّة على وجوب
الأفعال ، نظرا إلى أنّ الدليل العقلي عبارة ـ عندهم عن « حكم عقليّ يتوصّل به إلى
حكم شرعي » ولكنّه مبنيّ على