أحدهما : الانتقال
إلى ما لو أتى المكلّف بما يكون شرطا من شروط فعل الحرام.
وثانيهما :
الانتقال إلى ما لو أتى بما يكون علّة له.
أمّا الانتقال
الأوّل : فلا ينبغي التأمّل في عدم كونه حراما وإن ترتّب عليه بالأخرة فعل الحرام
، فإنّ من أصلح سيفا للجهاد أو دفع السبع عن نفسه فاتّفق بعد ذلك أنّه قتل به نفسا
محترمة ، أو بنى سطحا أو منارة لا لغرض فاسد فاتّفق أنّه ألقى نفسه عنهما للتهلكة
، أو اشترى جارية لغرض الاستخدام فاتّفق أنّه تغنّى بها إلى غير ذلك ممّا لا يحصى
، لا يعاقب على الإصلاح والبناء والاشتراء ولا يذمّ عليها ولا تعدّ قبيحة وإن
ترتّب عليها القبيح بضرورة من العقل والشرع دنيا ومذهبا ، كيف ولا يسلم فعل من
الأفعال عن جهة فساد مترتّبة عليه فلو صلح ذلك منشأ للفساد لأدّى إلى تحريم الجميع
، وبطلانه من أبده البديهيّات.
وأمّا الانتقال
الثاني : فما يكون علّة تامّة لفعل الحرام مع عدم العزم عليه وكونه حراما لأجله
ممّا لا يكاد يتعقّل ، إذ لا يتصوّر له فرض إلاّ في مثل ما لو عصر عنبا لا لغرض
الخمريّة فاتّفق أنّه استحال خمرا ثمّ اتّفق الشرب منه ، أو أوقد نارا لا لغرض
إحراق نفسه فاتّفق الإحراق ، فحينئذ إن كان ترتّب ذلك قصديّا منوطا بلحوق عزمه على
المعصية يكون الصورة راجعا إلى الفرض الأوّل ، ضرورة أنّ القصد المذكور حينئذ جزء
أخير من العلّة فالفعل بانفراده ليس هو العلّة ، والمفروض أنّه لم يؤت به لأجل
التوصّل إلى الحرام فلا يكون حراما لعين ما ذكر ، وإن لم يكن قصديّا منوطا بالعزم
لغفلة أو جهل أو بغتة فلا يعقل فيه حرمة ليحرم لأجله العلّة الموصلة إليه ضرورة
استحالة تكليف الغافل والجاهل والغير القادر.
وأمّا الجهة
الثانية : فلا إشكال في حرمة العزم على المعصية من باب المقدّمة على ما هو من
مقتضى التحقيق السابق من أنّ مقدّمة ترك الحرام الواجب على المكلّف فعلا إنّما هو
عدم الإرادة ، وقضيّة وجوبه من باب المقدّمة حرمة خلافه وهو الإرادة كما هو الشأن
في كلّ واجب ، إذ لا نعني بالعزم على المعصية إلاّ الإرادة ، ولا يفرق في الحرمة
بين الحصّة الأخيرة منها المقرونة بفعل الحرام وغيرها من الحصص المتقدّمة عليها
كما توهّم ، لضرورة كون كلّ مقدّمة ولو بوسائط ، كما هو الحال في جميع المقدّمات
الّتي بينها ترتّب بحسب الوجود الخارجي ، فتأمّل [١].
[١] وجهه : وضوح
الفرق بين سائر المقدّمات المترتّبة في الوجود وبين الإرادة المستمرّة عن زمان
طويل المنحلّة إلى أجزاء متعدّدة مقدّمية. وجه الفرق : إنّ كلّ مقدّمة في الأوّل
لها مدخليّة في وجود الواجب بحيث لو ترك بعض