ومنشأ الترديد في
الجواب ما وقع في تقرير الاستدلال من الترديد في ضمير « لنفسه » الواقع في كلام
المستدلّ باعتبار احتمالي عوده إلى الغير أو إلى الوجوب ، فعلى الأوّل يكون مفاد
الدليل : أنّ الوجوب المتعلّق بالمقدّمات لتوقّف تعلّقه بها على تعلّقه بذيها لم
يكن نفسيّا بل هو غيري ، فجوابه حينئذ تسليم الملازمة ومنع بطلان التالي على نحو
ما قرّره المجيب.
وحاصله : أنّ
الوجوب المتنازع فيه بالنسبة إلى المقدّمات إنّما هو الوجوب الغيري المتوقّف على
وجوب الغير دون الوجوب النفسي.
وعلى الثاني يكون
مفاد الدليل : أنّ الوجوب المتعلّق بمقدّمات الشيء على تقدير تعلّقه ليس من
مقتضيات وجوب ذلك الشيء بمعنى أنّه لم ينشأ منه ، وهو باطل لأنّ المقدّمات حينئذ
مطلوبة بذلك الوجوب المتعلّق بذيها.
ومن البيّن امتناع
تعلّق الوجوب بشيء هو غير المطلوب.
فجوابه : حينئذ
على ما قرّره المجيب تسليم بطلان التالي مع منع الملازمة ، ولكن لا يخفى ما فيه من
نوع إجمال.
والأولى أن يستفصل
أيضا على التقدير المذكور فيقال : إن اريد أنّ الطلب المتعلّق بالمقدّمات حينئذ
ليس بعين ما تعلّق بذيها ، فالملازمة مسلّمة أيضا ولكن بطلان التالي ممنوع ، لأنّ
الّذي يقول بوجوب المقدّمات يزعم تعلّق طلب غيري بها غير ما تعلّق بذيها مسبّب عن
ذلك ، وإن اريد أنّه غير مسبّب عنه فالملازمة ممنوعة ودليله الوجدان المغني عن
إقامة البرهان ، ولكنّ الّذي ينشأ منه حينئذ إنّما هو الطلب الشأني حسبما قرّرناه
سابقا.
فانقدح بما ذكر
أنّ ما في عبارة المجيب من منع الملازمة على جميع التقادير غير سديد ، وإنّما
يستقيم على التقدير الثاني الّذي أشرنا إليه.
وأمّا قوله : «
وأيضا جواب آخر نقضي » وتقريره بالنسبة إلى الشرط الشرعي واضح ممّا مرّ في تقرير
الدليل ، فإنّه يجري فيه حرفا بحرف وعليك بالاستخراج.
ثمّ إنّ ها هنا
امورا لا بأس بإيرادها وإن سبق إلى بعضها الإشارة إجمالا :
الأمر
الأوّل
قد أشرنا سابقا
إلى أنّ بين الأصحاب بالنسبة إلى أجزاء الواجب خلافا بالقياس إلى دخولها في محلّ
الخلاف وخروجها عنه ، فعن بعضهم دعوى الوفاق على وجوبها ، وعن