النظر في اللفظ
على الوجه الأعمّ ، ولا نوع اللفظ من حيث هو لئلاّ ينتقض القاعدة المذكورة
فليتدبّر.
* وكثيرا مّا
يعبّر عنه بالإيجاب ، وظاهر الأصحاب عدم الفرق بينهما إلاّ بالاعتبار ، فإنّ
الصادر من الآمر واحد إلاّ أنّه إن قيس إليه باعتبار صدوره عنه كان إيجابا ، وإن
قيس إليه باعتبار الفعل من جهة قيامه به كان وجوبا ، فهما متّحدان ذاتا متغائران
اعتبارا ـ كما صرّح به بعض الأفاضل وكذلك أخوه في كتابيهما [١] ـ وعلى هذا القياس اللزوم والإلزام كما في الثاني ، وربّما يفرّق بينهما
باختصاص الأوّل بما لو صدرت الصيغة من العالي بخلاف الثاني ، ولعلّه مبنيّ على
تفسير الوجوب بكون الفعل بحيث يستحقّ فاعله المدح والثواب وتاركه الذمّ والعقاب ،
والإيجاب بطلب الفعل مع عدم الرضا بتركه ، وإلاّ فعلى تفسير الثاني أيضا بالأوّل
أو الأوّل بالثاني لا يستقيم ذلك جزما.
وربّما يذكر
بينهما فرق آخر وهو أنّ الإيجاب دلالة « الأمر » على أنّ الآمر أوجب الفعل المأمور
به والوجوب دلالة « الأمر » على أنّ المأمور به له صفة الوجوب كما في النهاية
والمنية ، حتّى أنّهما جعلا كون الصيغة للإيجاب أو للوجوب خلافا آخر وعدّا كلاّ
منهما قولا برأسه.
وفي الأوّل أنّ
الخلاف في ذلك بين الأشاعرة والمعتزلة ، ولعلّه مبنيّ على الخلاف المشهور بينهما
في حسن الأشياء وقبحها باعتبار كونهما شرعيّين أو عقليّين.
فعلى الأوّل ـ كما
عليه الأشاعرة ـ لا يكون في الواجب صفة يدركها العقل ولو شأنا مقتضية للوجوب ،
وإنّما هو إيجاب حصل من حكم الشارع الّذي لولاه لما كان الفعل بالذات صالحا له.
وعلى الثاني ـ كما
عليه المعتزلة ـ يكون في الواجب صفة مقتضية للوجوب يدركها العقل ولو بكشف الشرع
عنها في غير مستقلاّته.
وأنت خبير بما في
جميع ذلك ، أمّا في الأخيرين فواضح ، وأمّا في الأوّل فلأنّ الفعل والكيف عرضان
متغايران بالذات والاعتبار معا.
[١] وهما الشيخ
محمّد تقي صاحب هداية المسترشدين وأخيه الشيخ محمّد حسين الإصفهاني صاحب الفصول
رحمهما الله تعالى ، راجع هداية المسترشدين ١ : ٦٠٣ والفصول الغرويّة : ٦٩.