يقتضي إيجاب ما لا
يتمّ إلاّ به » مع ذكر القيد مقدّما على ذكر « ما لا يتمّ إلاّ به » فلا يجري في
كلامه هذا التوجيه أصلا ، والوجه واضح بعد التأمّل.
والعجب من بعض
الأفاضل كيف غفل عمّا ذكرناه ، فأجاب عن التوجيه : بأنّه يلزم حينئذ اندراج غير
القدرة من مقدّمات الواجب المشروط في العنوان مع خروجها عن محلّ النزاع.
ثمّ استشعر
اعتراضا بقوله : ولو اجيب بأنّ إطلاق الأمر بالشيء إنّما ينصرف إلى المطلق دون
المشروط لعدم تعلّق الأمر به قبل وجود شرطه.
فدفعه : بأنّ ذلك
إن تمّ لجرى بالنسبة إلى ما صار من مقدّمات الواجب المطلق غير مقدورة فلا حاجة إلى
قيد « المقدوريّة » في العنوان ، إذ لا فرق بين المقدّمة المذكورة وسائر مقدّمات
الواجب المشروط.
وغرضه بذلك الردّ
على من ذكر من المحقّقين التوجيه المذكور في كلام المصنّف لتصحيح ما اعتبره من قيد
« المقدوريّة » حيث قال ـ بعد ما ذكر من التوجيه ـ : وحينئذ يحتاج إلى قوله : «
مقدورا ».
وإنّما ذكر ذلك
لدفع ما أورده أوّلا على ما اعتبره من قيد الإطلاق على تقدير كونه لإخراج مقدّمات
الواجب المشروط من قوله : « وحينئذ لا احتياج ـ إلى قوله ـ مع كونه مقدورا لأنّ
الواجب بالنسبة إلى المقدّمة الغير المقدورة واجب مقيّد ، إلاّ أن يقال : إنّه
للتوضيح.
وأنت خبير بأنّ
كلّ ذلك تكلّف ركيك ناش عن عدم فهم ما هو حقيقة المراد من العبارة وما هو فائدة
القيدين.
فتحقيق المقام :
ما أشرنا إليه من أنّ قيد الإطلاق لتعميم الأمر والإيجاب بالنسبة إلى ما يستفاد من
الأدلّة اللفظيّة وما يستفاد من الأدلّة اللبّية وقيد « المقدوريّة » لاخراج ما
يصير من مقدّمات الواجب المطلق غير مقدور ، إذ لا معنى لوجوبه ما دام عدم القدرة
عليه.
وأمّا مقدّمات
الوجوب في الواجب المشروط فتخرج بأحد الأمرين من انصراف الأمر والإيجاب إلى المطلق
، وظهور ما لا يتمّ الواجب إلاّ به في مقدّمات وجود الواجب وعدم شموله لمقدّمات
وجوبه كما عرفت.
ولو أورد عليه :
بأنّ ذلك لو صلح لإخراج مقدّمات الواجب المشروط لحصل الغناء عن اعتبار قيد «
المقدوريّة » فيما بعد ، لكون الواجب بالنسبة إلى المقدّمة الغير المقدورة أيضا
واجبا مشروطا ، والمفروض خروجه بما ذكر كما عرفت التعرّض لذكره عن بعض الأفاضل.