المباشرة إلاّ ما
خرج بالدليل ، لما ورد من أنّ المؤمن كلّ ما يعمل لنفسه من الأعمال الصالحة فيجوز
أن يعمل عن الميّت ، وبه روايات كثيرة أوردها المجلسي في باب أحكام الأموات من
طهارة البحار [١].
ليردّه : أنّ مورد
تلك الروايات إنّما هو الأموات ، والكلام في قبول النيابة عن الأحياء ولا يشملهم
الروايات ، ولا مناط منقّحا حتّى يؤخذ به ، لجواز كون الحياة مانعة عن ذلك أو
الممات شرطا فيه.
ولا يرد : أنّه لو
صحّ ذلك لما قبلها الحجّ الواجب عن العاجز ، لجواز كون العجز كالموت من المقتضيات
مع أنّه لم يثبت إلاّ فيه ، كيف ولم يقل به أحد على الإطلاق عدا ما عزاه السيّد في
مفتاح الكرامة [٢] إلى الشهيد في حاشية القواعد من جواز النيابة في النوافل
والرواتب اليوميّة على الإطلاق ، وما يستفاد عن الشهيد الثاني في الروضة من جوازها
في بعض النوافل ، وصرّح بعض المحقّقين بالمنع عنه مطلقا ، وهو الحقّ حيث لا دليل
على ذلك على نحو الإطلاق.
نعم قد ورد الدليل
في موارد كقراءة القرآن ، والزيارات والحجّ المندوب والصدقة والدين الواجب وما
أشبه ذلك ، وأمّا غيرها فالأصل فيه عدم قبول النيابة لعدم تناول أدلّتها له ، ولم
يكن المناط منقّحا ، ولا إجماع في البين على الإطلاق ليتمسّك بهما ، هذا كلّه
بالنسبة إلى الأحياء.
وأمّا الأموات فقد
انقلب الأصل فيهم لما أشرنا إليه من الروايات القاضية بصحّة النيابة عن الميّت في
كلّ عمل صالح ، فقد تقرّر بأنّ الأصل في الأحياء إنّما هو لزوم المباشرة إلاّ ما
خرج بالدليل.
الثالثة : قد
أشرنا أيضا إلى أنّ من جملة ما توهّم فرقا في المقام اجتماع التوصّليّات مع الحرام
دون التعبّديّات.
وأورد عليه بعض مشايخنا
: بأنّ التوصّلي أيضا غير ممكن الاجتماع معه ، تعليلا : بأنّ ذلك أمر راجع إلى
الآمر ، ومعنى اجتماع الواجب مع الحرام أنّه تصوّر الحرام أو القدر المشترك بينه
وبين غيره ثمّ طلبه وأمر به ، وهو ممّا لا يمكن في المقام ، إذ الحرام ممّا طلب
تركه ، ومعه لا يعقل طلب فعله ضرورة استحالة طلب النقيضين وقضيّة ذلك أنّه لا
يتصوّر إلاّ غير الحرام.