الوجوب لو لا
الفور ، بأنّه يلزم التكليف بالمحال لو تعيّن التراخي وأمّا لو جاز فلا لإمكان
الامتثال بالمبادرة ـ من أنّه التزام بوجوب الفور في العمل لتحصيل براءة الذمّة ...
إلى آخره ، بما ينتهي إلى ما اطلق في قوله بأنّه : « فعلي هذا لو أخّر وتيسّر له
فعله لم يأثم وإلاّ أثم ، ولا امتناع في مثل هذا التكليف ».
وصحّحه بعض
الفضلاء بأنّه مبنيّ على جواز خلوّ مثل تلك الواقعة عن حكم ظاهريّ والتزامه غير
بعيد ، بناء على عدم الملازمة بين العقل والشرع إذ اشتراط التكليف بالعلم على
إطلاقه ممنوع ، وإنّما المسلّم منه ما أدّى إلى تكليف بما لا يطاق ، وحصوله في
المقام في محلّ المنع لامكان الامتثال بالمسارعة.
وهذا كلام منه قد
وقع في بحث الفور كما أنّ كلام المورد واقع هنا ، ثمّ تصدّى بتنقيح ذلك في مبحث
الواجب الموسّع وقال : « بأنّ قضيّة التوسعة الواقعيّة جواز التأخير الواقعي
وكلاهما مشروط ببقاء التمكّن واقعا ، ثمّ عند جهل المكلّف بالشرط لا يخلو إمّا أن
يجعل له حكم في الظاهر من وجوب التعجيل مطلقا فيعصى بالتأخير [ مطلقا ][١] أو جواز التأخير مطلقا فلا يعصى به مطلقا ، أو لا يجعل له حكم في الظاهر
فيناط حاله بالواقع ، فإن صادف تركه عدم التمكّن عصى وإلاّ لم يعص ، وهذا القسم في
الحقيقة واسطة بين القسمين الأوّلين ، إذ ليس فيه عصيان على الإطلاق ولا عدم عصيان
على الإطلاق ، بل عصيان على تقدير وعدم عصيان على تقدير.
وقضيّة جواز وقوع
كلّ من المطلقين جواز وقوع كلّ من المقيّدين ، إذ لا يعقل للانضمام مدخل للجواز.
نعم يحكم العقل
بوجوب المسارعة إلى الفعل حينئذ عند ظنّ الفوات أو خوفه وجوبا ظاهريّا وإن لم
يتحقّق الفوات واقعا دفعا للضرر المخوف ، كما أنّه يحكم بعدم وجوبها عند ظنّ
السلامة أو العلم بها ، فلا يتمّ القول بنفي الوجوب الشرعي في الأوّل والجواز
الشرعي في الثاني عند من يلتزم بالملازمة بين حكم العقل والشرع مطلقا وذلك واضح ».
ثمّ قال : « ثمّ
اعلم أنّ الوجوه المذكورة لا تختصّ بالمقام بل يجري في غيره أيضا ، كما لو اشتبه
المحرّم بالجائز فيجوز أن يكلّف في الظاهر بتحصيل العلم بترك الحرام ، فيعصى
بارتكاب الجميع والبعض وإن لم يصادف الحرام ، وإن تأكّدت الحرمة مع مصادفة المحرّم