responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تعليقة على معالم الاصول المؤلف : الموسوي القزويني، السيد علي    الجزء : 3  صفحة : 264

لنسبة الحدث إلى الفاعل من حيث كونه مطلوبا في نفسه مع مطلوبيّة المبادرة إلى إيجاده برأسه ، وهذا هو الظاهر من الأوامر عرفا حيثما يراد منها الفور.

ألا ترى أنّك إذا أمرت بالسقي ونحوه ممّا جرت العادة بإرادة الفور فيه فأنت قاصد للإتيان به والتعجيل في إتيانه ، بحيث لو لا أنّه عجّل فيه لما كنت معرضا عنه فاسخا لطلبك إيّاه ، وهو آية كون الفور مطلوبا آخر غير مأخوذ قيدا لما هو المطلوب الأصلي ، فبناء على ذلك لا يفرق بين كون دليل الفور نفس الصيغة أو أمر خارج عنها كالآيتين ونحوهما ، فإنّ الأمر الخارج لا يخلو كاشفا إمّا عن الوضع أو عن الإرادة ، فإذا كان اعتبار الفور في الأمر لا بعنوان القيديّة للطلب أو المطلوب لا يتفاوت الحال بين كونه مدلولا عليه بالصيغة أو بالخارج ، بل ولو كان اعتباره بهذا العنوان أيضا لا يتفاوت الحال بين الوجهين.

فمن هنا ينقدح ضعف ما تقدّم من التفصيل في المقام بنحو ما مرّ ، فلا وجه لما احتجّ به بعض الأعاظم على الطرف الأوّل من التفصيل بأنّ الظاهر من الأمر لو استعمل في الفور التقييد بأوّل الوقت فبرفع القيد يرتفع الحكم ، وعلى الطرف الثاني من أنّ الأمر اقتضى كون المأمور فاعلا على الإطلاق وإيجاب المسارعة والاستباق لم يصيّره موقّتا وإنّما اقتضى وجوب المبادرة ، فحيث يعصى بمخالفته يبقى مفاد الأوّل بحاله ، فإنّ ظهور الاستعمال في الفور في التقييد ممّا يكذّبه طريقة العرف في الأوامر الّتي يراد منها الفور كما عرفت في المثال.

فإنّ قضيّة ذلك عدم كون السقي بعد فوات زمان الفور مطلوبا للآمر وهو خلاف البديهة ، ولو سلّم فأيّ وجه دعا إلى الفرق بينه وبين ما لو ثبت الفور من الخارج ، فإنّ ما اقتضاه الأمر من الإطلاق إنّما كان ابتدائيّا ولا عبرة به لكون الدليل بعد قيامه ممّا كشف عن انتفاء الإطلاق في الواقع ، وتقيّد الطلب أو المطلوب بزمان الفور في إرادة المتكلّم نظير القرائن المنفصلة الموجبة لتقييد المطلقات الظاهرة بدونها في الإطلاق ، كما لو قال : « أعتق رقبة » ثمّ قال ـ بعد فاصلة زمان ـ : « أعتق رقبة مؤمنة » أو « لا تعتق كافرا ».

وأعجب من ذلك ما أفاده بعض الأجلّة في الاستدلال على ما اختاره من القول الثاني المصرّح بعدم الفرق في ذلك بين كون دليل الفوريّة هو الآيتان أو غيرهما ، من أنّ الأمر حينئذ يصير من قبيل الموقّت ولا فرق في الموقت بين أن يستفاد الوقت من نفس الخطاب أو من دليل خارج ، فإنّ قوله تعالى : ( أَقِيمُوا الصَّلاةَ )[١] مطلق وقتها يستفاد من خطاب آخر ،


[١] الأنعام : ٧٢.

اسم الکتاب : تعليقة على معالم الاصول المؤلف : الموسوي القزويني، السيد علي    الجزء : 3  صفحة : 264
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست