وبتقرير
آخر * : وهو أنّا نقطع بأنّ المرّة والتكرار من صفات الفعل ** ،
بنفسها ، كما يومئ
إليه « الباء » في قوله : « به » من حيث ظهورها في السببيّة.
وإلى ذلك ينظر ما
أفاده بعض الأفاضل في دفع ما ذكر : من أنّ القائل بالمرّة يجعل خصوص المرّة مندرجة
في المأمور به بخلاف ما يستفاد من الوجه المذكور.
فإنّ أقصى ما
يفيده حصول المطلوب بها لا أنّها مطلوبة بخصوصها ، بعد ما ذكر أوّلا من أنّ كون
المرّة أقلّ ما يمتثل به الأمر يفيد حصول الامتثال بالأكثر أيضا ، وذلك ممّا لا
يقول به القائل بكون الأمر للمرّة.
فقضيّة البيان
المذكور حصول الامتثال بالمرّة قطعا ، وإن قضت الصيغة بحصوله بالأكثر أيضا ، ولا
ربط له بالقول المزبور.
* بينه وبين
التقرير الأوّل ـ مضافا إلى تغائرهما من حيث العبارة كما هو شأن المقام ـ فرق واضح
باعتبار الوضع والترتيب ، من حيث إنّه أخذ أوّلا بالاحتجاج على أصل الدعوى ، ثمّ
بدفع ما تقدّم من السؤال المقدّر في التقرير الأوّل ، وعكس الأمر في التقرير
الثاني.
وباعتبار المفهوم
والمعنى من حيث إنّه تمسّك لدفع السؤال في الأوّل بعدم تناول اللفظ لشيء من المرّة
والتكرار ، الّذي هو في معنى عدم تبادرهما من اللفظ ، التفاتا إلى شيوع التعبير عن
عدم تبادر معنى من لفظ بعدم تناول ذلك اللفظ لذلك المعنى كما هو واضح للواقف على
مظانّ إطلاقهم.
وفي الثاني بقاعدة
تقييد اللفظ بوصفين متضادّين ، القاضية بكونه للقدر الجامع بينهما ، وهو الذات
الموصوفة بهما لا بشرط اتّصافها بأحدهما.
فما يقال : من أنّ
الفرق بينهما أنّه ادّعى في الأوّل كون مدلول الصيغة هو طلب حقيقة الفعل ، وأنّ
حقيقة الفعل يخرج عنها المرّة والتكرار بدون الاستدلال عليه ، فكأنّه ادّعى
البداهة فيه ، وفي الثاني استدلّ على تلك المقدّمة بالوصف بالأوصاف المتقابلة ،
وما يدخل في الشيء لا يوصف ذلك الشيء بمقابله ، ليس بشيء فلا ينبغي الالتفات إليه.
** أي نقطع بأنّها
من الصفات الراجعة إلى المعنى المصدري المستند إلى مادّة الأمر باعتبار الوضع
المادّي ، كما أنّ القليل والكثير من الصفات الراجعة إليه ، والدليل على تلك
الدعوى الموجب للقطع المذكور صحّة تقييده بهما عرفا في قولك : « اضرب ضربا مكرّرا
» و « اضرب ضربا غير مكرّر » كصحّة تقييده بالقليل والكثير في قولك : « اضرب ضربا
قليلا »