والمرّة
والتكرار خارجان عن حقيقته ،كالزمان
والمكان ونحوهما *. فكما أنّ قول القائل : « إضرب » غير متناول لمكان ولا زمان ولا
آلة يقع بها الضرب ، كذلك غير متناول للعدد في كثرة ولا قلّة.
وفي الثاني استدلّ
على تلك المقدّمة بالوصف بالأوصاف المتقابلة ، وما يدخل في الشيء لا يوصف ذلك
الشيء بمقابله. انتهى [١].
كما يندفع به ـ مع
ملاحظة ما قدّمنا ذكره في تحرير العنوان من كون النزاع فيما اخذ في وضع الصيغة ـ ما
اعترض على ما حكم به المصنّف بعد ذلك من خروج المرّة والتكرار عن حقيقة الفعل ،
بأنّه لا يلزم من الخروج عن الحقيقة عدم الدلالة ، فإنّ دلالة الالتزام إنّما هي
دلالة على الخارج عن الحقيقة ، لخروج هذه الدلالة عن مقاصد القوم ، وعدم كون
الدلالة المطلقة معقدا لكلامهم ، وإنّما الكلام فيما كان مأخوذا في وضع الصيغة ،
والمدلول الالتزامي ليس بهذه المثابة ، مع أنّ اللفظ لا دلالة له على كلّ خارج
بالالتزام بل على ما كان لازما لما وضع له ، وهو في المقام إمّا لازم له بحسب
الوجود الخارجي أو لازم بحسب المفهوم العرفي ، والأوّل مسلّم وغير مجد في الدلالة
، والثاني مجد وغير مسلّم.
ومع الغضّ عن ذلك
أيضا ، فالدلالة المذكورة على تقدير ثبوتها غير قادحة فيما ادّعاه المصنّف ، بل
الدلالة على أحد الأمرين على طريق البدليّة من لوازم القول بكون الأمر لطلب
الماهيّة ، نظرا إلى أنّ الطبيعة قابلة للتقييد بهما وجهة جامعة بينهما ، فالدلالة
على الوجه المذكور لازمة لها وهي ليست من الدلالة على المرّة أو التكرار عند أصحاب
القول بهما ، لاعتبار التعيين والمنع فيهما والبدليّة تنافيهما كما لا يخفى.
فلا حاجة حينئذ
إلى أن يجاب عنه بما في كلام ابنه : بأنّ المرّة والتكرار والمكان وشبهها من لوازم
الحدث الّذي هو المعنى المصدري ـ أعني جزء الأمر ـ ولا يلزم من لزوم شيء لجزء
المركّب لزومه للمركّب ، حتّى يتوجّه إليه أنّه إنّما يستقيم في المركّبات
الخارجيّة دون المركّبات الذهنيّة ، إذ المحقّق فيها كون لازم الجزء لازما للمركّب
، حيث إنّ التركيب فيها أمر يعتبره العقل بعد التحليل ، وإلاّ فالّذي يتصوّر
وينساق ابتداء أمر بسيط.
* ولمّا كان ما
ذكره من الاحتجاج مظنّة سؤال : بأنّ تبادر طلب حقيقة الفعل من الأمر