بالفعل وهو خلاف
الأصل ، فحمل الأوّل على التحريم لايجابه ما يوافق الأصل لا يقضي بحمل الثاني على
الوجوب مع إيجابه ما يخالفه.
والآخر : أنّ
النواهي إنّما تتعلّق بالمكلّف لدفع المفاسد بخلاف الأوامر فإنّها لجلب المنافع ،
واعتناء الشارع بدفع المفاسد أكثر من جلب المنافع ، فممّا يكتفى به في صرف غير
الأهمّ لا يلزم أن يكتفى به في صرف الأهمّ. انتهى.
ولا يخفى ما فيهما
من كمال وضوح الضعف ، فإنّ الاعتبارات العقليّة والاستحسانات الذوقيّة لا تنوط
بهما الدلالات اللفظيّة الدائرة على المفاهيم العرفيّة ، وإنّما الكلام في دلالة
اللفظ بما هو لفظ ، فلا مدخليّة فيها لمخالفة الأصل ولا موافقته ، ولا لاستلزام
المدلول بها في خطابات الشرع لما هو أهمّ في نظر الشارع أو غيره ، وإنّما المدار
فيها على ما يساعده الفهم العرفي ، فلا يبعد أن يدّعي هنا مثل ما تقدّم في الأمر
تعويلا على الظهور العرفي المستند إلى القرينة المذكورة ، فيحمل النهي بما هو نهي
على مجرّد رفع الوجوب المجامع بما عدا الوجوب من الأحكام الباقية ، إلاّ إذا قام
قرينة راجحة على ما ذكر ، قاضية بإرادة بعض الخصوصيّات بعينها.