واجيب
بالمنع من ردّه إلى مشيّتنا * ، وإنّما ردّه إلى استطاعتنا وهو معنى الوجوب **.
ولو سلّم فهو لنفي
وجوب التكرار لا نفي أصل الوجوب ، كما أنّها بناء على حملها على القدرة تفيد وجوب
التكرار ، فتنهض دليلا على القول بالتكرار ، فلذا تمسّك بها بعض الفضلاء على هذا
المطلب ، مع أنّ إطلاق التعليق على المشيّة ـ لو سلّم ـ من دون تنبيه على رجحان
الفعل ولا إشارة إلى مرجوحيّة الترك يلائم الإباحة ، وهو خلاف المطلوب كما عرفت.
* اجيب عنه تارة :
بأنّ الرد إلى المشيّة يشير إلى الإباحة ولا أقلّ من كونه أعمّ منه ومن الندب ،
فمن أين يصحّ كونه بمعنى الندب.
ثمّ إنّه لا دلالة
فيه على كون اللفظ موضوعا للندب ، إذ غاية الأمر أن يكون ذلك مرادا منه وهو أعمّ
من الحقيقة.
واخرى : بأنّ غاية
ما يقتضيه الرواية كون « الأمر » للندب وهو غير الصيغة وهو جيّد ، وإن كان اجيب
عنه بالإجماع المركّب ، لأنّ كلّ من قال بكون المادّة للندب فقط قال بكون الصيغة
له كذلك ، كما أنّه كلّ من قال بكون الصيغة للوجوب قال بكون المادّة له
وبالأولويّة ، نظرا إلى أنّ الخلاف وعدم الظهور في الصيغة أكثر من المادّة ، فلو
قال في المادّة بكونها للندب فالأولى بذلك قوله بكون الصيغة له ، وفي كلا الوجهين
نظر يظهر بأدنى تأمّل.
وثالثة : بأنّ
البيان ربّما يشعر بأنّ الندب غير معناه الحقيقي ، إذ لو كان معناه الحقيقي لم
يحتج إلى البيان.
** واعترض عليه
تارة : بما أشرنا إليه مع ردّه ، من أنّ الردّ إلى استطاعتنا لا دلالة له على كون
« الأمر » للوجوب ، إلاّ إذا ثبت أنّ قوله صلىاللهعليهوآله : « فأتوا » للوجوب ، وهو يفضي إلى الدور ، بل الصواب أن
يقال : فلا يفيد الندب.
واخرى : بأنّ
الردّ إلى الاستطاعة كما هو حاصل في الواجب فكذا في المندوب ، ضرورة عدم استحباب
الإتيان بغير المقدور ، فهو أعمّ من الوجوب والندب.
والأولى أن يجاب
بما عن الآمدي : بأنّ الّذي وقع التصريح به في الرواية إنّما هو الردّ إلى
الاستطاعة لا المشيّة ، وهو ليس من خواصّ الندب حتّى يستدلّ به على كون مطلق «
الأمر » للندب ، ضرورة كون كلّ واجب مردودا إلى الاستطاعة بل هو أولى بذلك ، حيث
إنّه منع من تركه بخلاف المندوب ، فلا يكون الرواية نصّا ولا ظاهرا في المطلوب إن
لم