واخراهما : القياس
بمصطلحهم أيضا ، ليعلم به أو يظنّ كون ما هو من لوازم ذلك الكلّي ثابتا للفرد
المشكوك في حكمه ، فإنّ المنطقيّين لا يتمسّكون بالاستقراء إلاّ لاستعلام حكم
الكلّي من غير نظر لهم إلى فرد من أفراده ، بخلاف الاصوليّين حيث إنّهم لا
يتمسّكون به إلاّ عند الشكّ في حكم الفرد ، الناشئ عن الشكّ في حكم كلّيه.
ومن البيّن أنّ
الأوّل لا يرتفع إلاّ بإعمال القياس بطريق الشكل الأوّل ، كما أنّ الثاني لا يرتفع
إلاّ بإعمال الاستقراء المصطلح عليه عند المنطقيّين ، والأوّل مترتّب على الثاني ،
حيث إنّ العلم بلحوق الفرد بالأفراد الغالبة بعد العلم بحكمها لا بدّ له من طريق ،
وهو إمّا ثبوت كونه من جملة الأفراد الغالبة وهو محال ، لإفضائه إلى الدور ، أو
ثبوت كون الحكم المعلوم لها من لوازم الكلّي المشترك بينها وبين الفرد ، وهذا لا
يثبت إلاّ بالاستقراء المنطقي ، كما أنّ العلم باللحوق بعده لا يحصل إلاّ بالقياس
المنطقي.
وكيف كان ،
فالامور المذكورة بأسرها منتفية في المقام ـ كما يظهر بأدنى تأمّل ـ ومعه كيف يمكن
دعوى الغلبة ، ثمّ التعويل عليها.
فالحقّ أنّ
المسألة لا أصل لها مع أنّها بنفسها قليل الجدوى ، وحيث لا ثمرة فيها إلاّ ما فرض
نادرا في الحقائق الشرعيّة ـ على القول بثبوتها ـ من لزوم مراعاة التاريخ على
تقدير كون النقل لوضع التعيّن.
[٢] قوله : ( في اللغة الفهم
... الخ )
هذا
تعرّض للمقام الثاني الّذي يبيّن فيه ما يتعلّق بالجزء الثاني من لفظ « اصول الفقه » وله أيضا
بحسب كلّ من اللغة والاصطلاح معنى :
أمّا
الأوّل : فعلى ما في
العبارة ، وكلام جمهور الاصوليّة ، وأئمّة اللغة ، أنّه الفهم.
وعن الرازي [١] تفسيره بفهم غرض المتكلّم من كلامه. وعن بعضهم