الحقّ وفاقا
للمحقّقين عدم دخول العلم في مداليل الألفاظ بحسب الوضع شطرا ولا شرطا ، على معنى
عدم كونها موضوعة للمعلومات بوصف كونها معلومات ، خلافا لمن توهّم دخوله فيها
باعتبار الوضع ، على معنى وضع الألفاظ للامور المعلومة على وجه يكون العلم جزا للموضوع
له ، وربّما عزى إلى كثير ممّن لا تحقيق له ، حتّى قالوا : إنّ معنى « لا تتوضّأ
بالماء النجس » و « لا تأكل الميتة » و « لا تشرب الخمر » و « لا تعمل بخبر الفاسق
» النهي عمّا علم ثبوت الوصف له ، فأمّا ما جهل ثبوته له فهو خارج عن مدلول اللفظ.
وقضيّة هذا القول ـ
مع الالتزام بخروج غير المعلوم عن المدلول ـ تحقّق الواسطة بين الطاهر والنجس ،
وبين العادل والفاسق ونظائر ذلك ، فإنّ ما لم يعلم طهارته ونجاسته ، ومن لم يعلم
عدالته وفسقه ، إذا خرج عن مدلولي اللفظين فهو غير المدلولين فيكون واسطة ، وقد
يتأمّل في الفرق بين هذه المسألة والبحث المتقدّم ، باعتبار أنّ العلم أيضا أمر
ذهني ، فلا بدّ وأن يكون اعتباره في الموضوع له ثابتا عند أصحاب القول بالوضع
للامور الذهنيّة ، وعكسه ثابتا عند أهل القول بالوضع للامور الخارجيّة.
وقد يوجّه الفرق
بين المسالّتي ن ، بأنّ مرجع القول بالوضع للامور الذهنيّة إلى وجوب العمل
بالمعتقد ، وكونه موجبا للامتثال في مقام التكليف مع قطع النظر عن