الوضع المعتبر في
الحقيقة والمجاز لا بدّ وأن يكون المراد به ما عرّفه به شارح المختصر في بيانه ،
من : « أنّه اختصاص شيء بشيء ، بحيث لو اطلق الشيء الأوّل فهم منه الشيء الثاني »
ليشمل كلاّ من الموضوعات التعيينيّة والتعيّنيّة.
وإن شئت بدّل
الشيئين باللفظ والمعنى ، فإنّ الوضع على ما يستفاد من تضاعيف كلماتهم مقول
بالاشتراك عندهم على ما يكون من صفات الواضع وهو الجعل والتعيين ، وما يكون من
صفات الموضوع ، وهو كونه موضوعا للمعنى وتعيّنه له ، سواء نشأ ذلك من الوضع
بالمعنى الأوّل ، أو من شيوع الاستعمال مجازا ، والمتعيّن في باب الحقيقة والمجاز
إنّما هو اعتبار المعنى الثاني ، كما يفصح عنه كونهما عندهم للأعمّ من اللغويّين
والعرفيّين عامّا وخاصّا ، والشرعيّين كما لا يخفى.
والظاهر أنّ
المعنى المشهور في تعريفه من : « أنّه تعيين اللفظ للدلالة على المعنى بنفسه »
ينظر إليه بالمعنى الأوّل دون ما يعمّه وغيره ، لأنّه الأصل في باب الوضع من حيث
إنّ الوضع في الموضوعات التعيّنية إنّما يحصل تبعا له ، ولأنّه الثابت فيما هو
الأصل في الحقائق وهي الحقائق اللغويّة ، لأنّها حقائق أصليّة بخلاف غيرها من
العرفيّة والشرعيّة ، فإنّها طارويّة ، ولأنّه المبحوث عنه في كثير من مباحث هذا
الفنّ كما في البحث الاتي ، من كون دلالات الألفاظ بالوضع أو بالمناسبات الذاتيّة
، وفي كون الوضع من فعل الله سبحانه أو فعل البشر.