ففيه : ضعف واضح ،
لعدم ابتناء الأخبار الكاذبة على الإسناد الحقيقي ، بل الإسناد المقصود بها صوري.
فإنّ الإسناد
حقيقي وصوري ، والحقيقي قد يكون إسنادا إلى فاعل حقيقي وقد يكون إسنادا إلى فاعل
ادّعائي ، والهيئة الخبريّة ليست موضوعة إلاّ للإسناد الحقيقي ، والأخبار الكاذبة
متضمّنة للإسناد الصوري ، وهو معنى مجازي على التحقيق.
ولذا يقال في وصف
الخبر بالصدق والكذب : أنّه لا يحتمل إلاّ الصدق والكذب ، احتمال عقلي فبذلك بطلت
الملازمة المدّعاة.
ومن هنا أيضا يظهر
ما في دعوى : أنّ الإسناد لا يعقل منه إلاّ معنى واحد ، فإنّ الإسناد الصوري أيضا
معنى للإسناد معقول في حدّ ذاته.
وإن شئت قلت :
إنّه إسناد جعلي ، على معنى أنّه ممّا لا واقعيّة له ، لكن يحصل في الكلام بجعل
المتكلّم ، لأنّه الّذي ينزّل ما ليس بواقع منزلة الواقع ، فيعبّر عنه باللفظ
الموضوع للواقع.
فتقرّر بجميع ما
ذكر ما هو الحقّ في المسألة ، من أنّ المجاز بلا حقيقة في حدّ ذاته أمر ممكن وليس
فيه شائبة امتناع ذاتي ولا عرضي ، وأمّا وقوعه في الخارج فغير ثابت ، لأنّ أدلّة
وقوعه مدخولة حسبما تبيّن ، لكن على تقدير الوقوع فلا إشكال بل لا خلاف في كونه في
كمال الندرة كما صرّح به جماعة من أساطين الطائفة ، ولذا ترى أنّ قائله لم يأت
لإثبات دعواه إلاّ ببعض الأمثلة الشاذّة الّتي في كلّ واحد ألف كلام.
وإن شئت ـ بعد ما
بيّنّاه لك ـ قلت : إنّ العلماء المختلفين في تلك المسألة بجميع فرقهم الثلاث ،
مطبقون على ندرته على فرض وقوعه بعد إمكانه ، وإلاّ فمنهم من أنكر إمكانه ومنهم من
أنكر وقوعه.
ومن متفرّعات
المسألة ، بطلان مقالة القدماء في المبهمات وغيرها ، ممّا ادّعوا فيها كون الوضع
والموضوع له عامّا ، مع اعترافهم بعدم اتّفاق استعمالها في