واعلم ، أنّ كلاّ
من الاتّحاد والتكثّر وصف يجري في كلّ من اللفظ والمعنى ، وبذلك يحصل بينهما نسبة
دعتهم إلى تنويع الألفاظ المنتسبة إلى معانيها باعتبار هذين الوصفين إلى أربعة
أنواع ، يضبطها كونهما معا متّحدين أو متكثّرين ، أو المعنى متّحدا مع تكثّر اللفظ
، أو اللفظ متّحدا مع تكثّر المعنى ، فالمقسم هو اللفظ باعتبار نسبته إلى المعنى
بالاتّحاد والتكثّر ، ولذا عنون العلاّمة في النهاية [١] بحث هذا التقسيم بقوله : « البحث الخامس : في نسبة اللفظ إلى المعنى ... الخ
» وعلى طبقه ما في المنية [٢] ببيان أوضح ، قائلا : ـ بعد نقل عبارة التهذيب المشتملة
على التنويع : ـ هذا هو التقسيم الثالث من تقاسيم الألفاظ ، وهو باعتبار نسبتها
إلى معانيها بالاتّحاد والتعدد ... الخ.
والمراد باللفظ في
هذا التقسيم ما من شأنه أن يقصد منه المعنى ، المأخوذ معه طرفا للنسبة المذكورة
وإن لم يكن تامّا ، كالهيئة أو المادّة المجرّدتين في الألفاظ الموضوعة بنوع
هياتها أو موادّها ، كما أنّ المراد بالمعنى هاهنا ما من شأنه أن يقصد من اللفظ ،
وإن لم يكن ممّا وضع له ذلك اللفظ.
ومن المعلوم أنّ
الشأنيّة المأخوذة في كلّ من اللفظ والمعنى وصف فيهما لا يتأتّي إلاّ بأحد أمرين ،
الوضع والعلاقة المرخّص فيها ، فإذا وضع لفظ لمعنى نوعا أو شخصا كان من شأنه أن
يقصد منه ذلك المعنى ، ومن شأن المعنى أن يقصد من ذلك اللفظ ، كما أنّه إذا حصل
بين ما وضع له اللفظ وغيره علاقة مرخّص فيها كان من شأن اللفظ أن يقصد منه هذا
المعنى الغير الموضوع له ، ومن شأن هذا المعنى أن يقصد من اللفظ.
ومن هنا جرت
عادتهم بأخذ الحقيقة والمجاز من أقسام بعض أنواع هذا التقسيم ، وكما أنّ النسبة
ملحوظة هنا بين اللفظ ومعناه وكذلك ملحوظة بينه وبين
[١] نهاية الوصول
إلى علم الاصول : الورقة ١٧ ( مخطوط ).
[٢] منية اللبيب في
شرح التهذيب : الورقة ٢٦ ( مخطوط ).