[١٧]
قوله : ( ثمّ إنّ الفقه أكثره من باب الظنّ ، لابتنائه غالبا على ما هو ظنّي
الدلالة أو السند ... الخ )
وهذا إشكال اخر في
الحدّ.
وملخّص تقريره :
أنّ العلم في جنس الحدّ ظاهر في الاعتقاد الجازم ، فيخرج به أكثر الأحكام الفرعيّة
لابتنائها غالبا على الأدلّة الظنّية ، فإنّ الفقيه بالقياس إليها ظانّ والجنس لا
يشمله.
اجيب عن أوّل
الإشكالين باختيار كلّ من الشقّين ، فتارة باختيار أوّلهما وهو حمل « الأحكام »
على إرادة البعض ، ولا ينتقض الحدّ معه في طرد ولا عكس.
وملخّص الجواب على
هذا التقدير : أنّ المورد إمّا أن يكون ممّن يجوّز التجزّي في الاجتهاد أو لا ،
فإن كان من الثاني فلا يشمل الحدّ إلاّ المجتهد في الكلّ ، إذ ليس المراد بالبعض
هنا البعض بشرط لا ، بل البعض لا بشرط بالنظر إلى كونه في ضمن الكلّ وعدمه ، وهو
لا يعقل بالنسبة إلى المقلّد الّذي جعلوه موردا للنقض ، لأنّه على هذا القول
أجنبيّ عن كونه عالما ببعض الأحكام ، لاستحالة معرفة البعض المنفكّ عن الكلّ على
مذاق هذا القائل ، فانحصر البعض لا بشرط في أحد فرديه وهو البعض المندرج في ضمن
الكلّ ، والعالم بالبعض كذلك مجتهد في الكلّ ، فالحدّ على هذا القول لا يشمل إلاّ
المجتهد في الكلّ ، وإن كان من الأوّل فيشمل الحدّ للعلم المفروض ، ويطّرد لكونه
حينئذ من أفراد المحدود.
والفرق بين طرفي
الترديد أنّ بناء الأوّل على أنّ العلم المذكور ليس من أفراد الفقه وهو غير داخل
في حدّه ، فلم يثبت عدم اطّراده.
وبناء الثاني على
أنّه من أفراده وهو داخل فيه ، فلا يكون صدق الحدّ عليه ممّا يوجب عدم اطّراده ،
بل الواجب صدقه حينئذ مراعاة لانعكاسه ، وأيضا في الأوّل تسليم قول المورد أنّه
ليس بفقيه في الاصطلاح ، وفي الثاني منع له.
ويشكل ذلك على
مذهب المصنّف في مسألة التجزّي من إمكانه وعدم اعتباره ، وبعبارة اخرى : جواز
التجزّي عقلا وإنكار جوازه شرعا.