قلت : فإن كان
الخبران عنكما مشهورين قد رواهما الثقات عنكم؟
قال : «ينظر ، فما وافق حكمه
حكم الكتاب والسنّة وخالف العامة فيؤخذ به ، ويترك ما خالف حكمه [١]
حكم الكتاب والسنّة ووافق العامة».
قلت : جعلت
فداك ، أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من (الكتاب) والسنّة ، ووجدنا أحد الخبرين
موافقا للعامة والآخر مخالفا لهم ، بأي الخبرين يؤخذ؟
قال : «ما خالف العامة ففيه
الرشاد».
فقلت : جعلت
فداك فإن وافقهما الخبران جميعا؟
قال : «ينظر إلى ما هم إليه
أميل حكامهم وقضاتهم ، فيترك ويؤخذ بالآخر».
قلت : فإن وافق
حكمهما الخبرين جميعا؟
قال : «إذا كان ذلك فأرجه
حتى تلقى إمامك ؛ فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات»).
ورواه الصدوق قدسسره في (الفقيه) بما صورته : (داود بن الحصين عن عمر بن
حنظلة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قلت في رجلين اختار كل واحد منهما رجلا من
أصحابنا؟) [٢] الحديث.
أقول : في هذا
الخبر الشريف فوائد لطيفة وفوائد منيفة :
الفائدة
الاولى : في دلالة السنّة على المنع من التحاكم إلى ولاتهم
قد دلّ هذا
الخبر وأمثاله على المنع من التحاكم إلى سلاطين العامّة وقضاتهم ، وأن ما يؤخذ
بحكمهم فهو حرام وسحت. وعلى ذلك دلّت الآية الشريفة ، وهي قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ
أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ
أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ) الآية.