النصارى ، والقسيسون ، والرهبان ، وأهل الشبهات ، والأهواء من أهل القبلة ،
والحرورية ، وأهل البدع» [١].
وأما بالنسبة
إلى الثاني ، فلأن الاعتقاد بأن له المنة على الله تعالى بشيء من الأعمال لا ينشأ
من قلب مؤمن عارف بالله سبحانه أدنى معرفة ؛ لأن من أدناها معرفة أنه الخالق
الرازق ، وهما يستغرقان جميع النعم اصولا وفروعا ، بل إنّما ينشأ من كافر مكذب ل (القرآن)
لقوله سبحانه (وَما بِكُمْ مِنْ
نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ)[٢] أو من مبدع مفوض يعتقد أن الله سبحانه لا يقدر على سلب
قدرة العبد على الفعل وقت الفعل ، وإن كان هو الذي خوّله [إياها] [٣] أولا.
وقد عرفت كفر
أصحاب البدع مما سبق في الآية المتقدمة ، بل استظهر بعض مشايخنا المحققين من
متأخّري المتأخّرين أن مطلق تجويز الخلاف فيما علم بدليل قطعي من كتاب أو سنة كفر
وإبداع ؛ لأنه لا يتم إلّا باخراج الدليل عن كونه دليلا وهو [٤] معنى التكذيب
به ، والتكذيب به تكذيب الرسل أو المرسل [٥] انتهى ، وهو حسن.
وأما العجب
بالمعنى الثالث ، فالظاهر أنه لا يخلو عن إجمال.
ووجه التفصيل
فيه أنه إن كان استكثار ما يأتي به من الطاعة ، واستعظامه بالنسبة إلى ما يستحقه
سبحانه من الطاعة ، أو ما لله سبحانه عليه من النعم ، فهو راجع في التحقيق إلى
المعنى الثاني ؛ إذ يلزم منه أن طاعته حينئذ زائدة على مستحقه تعالى ، فيكون منّة
منه على الله تعالى. ولا ريب أنه بذلك يمتنع القصد إليها من حيث كونها طاعة له
سبحانه مستحقة ، وأنه أهلها.