الذي ليس له علم تفصيليّ ولا إجماليّ بذلك الفعل المكلّف به ، لأن التكليف
بالمجهول المطلق قبيح عقلا. وأمّا الذي له طريق ولو على سبيل الإجمال كالمكلّف ،
فإنه يعلم أن الله حلّل وحرّم وأوجب على وجه كلّيّ ، فهو غير معذور لإمكان طلب ذلك
الفعل المعلوم على وجه الإجمال ، فيمكن طلب ما حرّم الله سبحانه وحلّله وأوجبه حتى
يتأدّى إلى ذلك الواجب عليه) انتهى كلامه ، سلّمه الله تعالى.
ولا يخفى عليك
ما فيه بعد الاطلاع على ما قدمناه ، فإن جملة من أخبار معذوريّة الجاهل [١] فيما قدّمنا
ذكره ، وما طوينا نشره قد دلّت على معذوريّة الجاهل في جملة من الجزئيّات ، من حيث
عدم علمه بحكم ذلك الجزئي ، وإن كان يعلم أن الله قد أحلّ وحرّم وأوجب مطلقا. ولو
كان معذوريّة الجاهل مخصوصة بعدم هذا العلم الإجمالي كما ذكره ـ دام ظلّه ـ لتعذّر
وجودها بعد زمان [٢] التكليف حتّى في زمن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فضلا عن زمننا هذا ؛ إذ لا يخفى أن هذا العلم
الإجماليّ ضروريّ لكلّ مكلّف ، ولا أظن أحدا يلتزمه ، ومن البعيد ، بل الظاهر
البعد [٣] بما لا نهاية عليه ، ولا مزيد ؛ إذ هؤلاء الذين خرجت الأخبار بمعذوريّتهم
فيما قدّمنا من الأحكام ـ سيّما في باب الحج ـ ليسوا ممّن لهم معرفة بذلك الحكم [٤] الإجمالي
بالكلّية البتّة.
وبالجملة ،
فإني لا أعرف وجه صحّة لهذا الكلام يوجب الركون إليه في هذا المقام ، والظاهر أن
شيخنا ـ أيّده الله تعالى ـ تبع فيه بعض الفضلاء من غير إعطاء التأمّل حقّه في
صحّته وفساده ، فإنّه قال ـ بعد ما ذكر ما قدّمنا نقله عنه ـ : (ويؤيّد