فإن قيل : دلالة
الأمر بالمادّة على الطبيعة المطلقة مخالفة لما ذهب إليه بعض الادباء من أنّ اسم
الجنس موضوع للطبيعة المقيّدة بالوحدة المطلقة [١].
قلت : الخلاف الذي
وقع في كون اسم الجنس موضوعا للطبيعة من حيث هي ، أو من حيث تقيّدها بالوحدة
المطلقة ، إنّما هو اسم الجنس الذي كان مصدرا منوّنا ، وأمّا المصدر غير المنوّن
في ضمن المشتقّات ، فلا خلاف في كونه للطبيعة من حيث هي ، كما صرّح به بعض
المحقّقين منهم [٢].
ولنا أيضا :
استعماله فيهما شرعا وعرفا ، كالأمر بالحجّ ، والأمر بالصوم والصلاة ، وأمر السيّد
عبده باشتراء اللحم ، وأمره بحفظ الدابّة. والاشتراك والمجاز خلاف الأصل ، فيكون
للقدر المشترك. وكونه له هاهنا لا يخالف الأصل ، كما يخالفه كونه للقدر المشترك
بين الوجوب والندب ، وقد ظهر وجهه ممّا تقدّم [٣].
وأيضا لو كان
للتكرار لعمّ الأوقات ؛ لعدم الأولويّة ، وهو باطل ؛ للإجماع ، ولزوم التكليف بما
لا يطاق ، وكون كلّ تكليف يرد بعده ولا يجتمع معه ناسخا له.
وأيضا نصّ أهل
اللغة على عدم الفرق بين « تفعل » و « افعل » إلاّ في كون الأوّل خبرا والثاني
طلبا [٤] ، ومقتضى الأوّل ليس إلاّ ماهيّة الفعل مع أيّهما حصلت ،
فكذا مقتضى الثاني ، وإلاّ كان بينهما فرق آخر.
احتجّ القائل
بالمرّة بأنّ المولى إذا أمر عبده بدخول الدار فدخل مرّة عدّ ممتثلا عرفا ، ولو
كان للتكرار لما عدّ [٥].
والجواب : أمّا
أوّلا : فبالمعارضة بأمره إيّاه بحفظ الدابّة ، فإنّه لو حفظها مرّة لا يعدّ
ممتثلا.
وأمّا ثانيا :
فبأنّ حصول الامتثال لحصول الماهيّة في ضمن المرّة لا لأنّ الأمر ظاهر فيها.