المحقق ابن ادريس ، وقد كان لا يجيز العمل بخبر الواحد مطلقا ، فجاء
المتأخرون بعد ذلك ووجدوا الشيخ ومن تبعه قد عملوا بمضمون ذلك الخبر الضعيف لامر
ما رواه في ذلك لعل الله تعالى يقدرهم فيه ، فحسبوا العمل به مشهوراً ، وجعلوا هذه
الشهرة جابرة لضعفه ، ولو تأمل المنصف وحرر المنقب لوجد مرجع ذلك كله الى الشيخ
ومثل هذه الشهرة لا يكفي في خبر الضعيف.
قيل : وفيه نظر
ظاهر ، فان الشيخ صرح في الفهرست [١] بأن في الأخبار الضعيفة ما هو معتمد بين الطائفة ، وكذا
الصدوق في من لا يحضره الفقيه ، وهذا أمر واضح لهم في العمل بها ، وان كان لا
يجدينا نفعاً ، لما تبيناه من كثرة وقوع الخطأ في الاجتهاد ، وان مبنى الامر على
الظن لا على القطع ، فالموافقة لهم على ما قالوه تقليد لا يسوغ.
وبما أفاده في
آخر كلامه يندفع ما ربما يقال : ان رواية ابن أبي يعفور السابقة وان كانت ضعيفة
السند ، الا أن الشيخ الصدوق قال بكونها حجة بينه وبين الله ، ولذا أوردها في
الفقيه في باب بطلان حق المدعي بالتحليف ، مع التزامه في صدر الكتاب أن لا يروي
فيه الا ما يعمل به ، فدل على أنها معتمد عليها بين الطائفة.
وجه الاندفاع :
أن عملهم بها لا يجدينا ، لانه كان مبنياً على الظن والاجتهاد فالموافقة لهم عليه
تقليد وهو غير جائز ، بل لا بد لكل فقيه في كل مسألة ترد عليه من اجتهاد فيها.
أقول : ومما
ينبهك وقوع الخطأ في الاجتهاد وعدم جواز تقليدهم على ما قالوه أنهم أطبقوا على صحة
رواية ابن أبي يعفور ، وكان مدار عملهم عليها ، لظنهم أنها صحيحة صريحة في حرمة
المقاصة ، ووجوب رد البينة بعد التحليف ، وقد تبين
[١] اقول : بل صرح
في العمدة في مبحث العمل بالأخبار.