رواية ابن مسلم : «لا تأكلوا في آنيتهم ولا من طعامهم الّذي يطبخون ، ولا
في آنيتهم الّتي يشربون فيها الخمر [١]» [٢].
ولكنّ أخبار
طهارتهم ظاهرة فيها ، ومشتملة على شواهد دالّة على أنّ أخبار النجاسة في مقام بيان
نجاستهم العرضيّة لا الذاتيّة ، فهي على حجّيّتها باقية ؛ إذ لا قصور في دلالتها
وكذلك في سندها ؛ لأنّها صحاح مستفيضة ، والمفروض أنّ الطائفة الاولى لقصور
دلالتها ـ كما أشرنا ـ لا تصلح لمعارضتها.
نعم ؛ الذي
يضعّفها ذهاب المشهور إلى نجاستهم ، فبناء على أنّ الشهرة الفتوائيّة على الخلاف
يوجب سبب الوثوق والاطمينان عن الرواية ، يشكل القول بالطهارة ، والمسألة تحتاج
إلى المراجعة ومزيد تأمّل حتّى يظهر الأمر وحقيقة الحال ، وهو العالم.
بقي الكلام في
معنى الكفر والكافر ، فإنّ بعض مصاديقه مشكوك ؛ إذ الكفر لغة بل اصطلاحا معناه :
الجحود والإكفار [٣]. وعليه لا يصدق الكافر على الشاكّ والمتردّد في أركان
الدين ، وينحصر بالجاحد والمعاند ، كما نرى في القرآن بالعيان أنّ خطاباته وزجره
متوجّه إليهما ، مثل الآيات الكريمة : (وَجَحَدُوا بِها
وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ)[٤] و (يا أَهْلَ الْكِتابِ
لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُونَ
[١] وسائل الشيعة : ٣
/ ٤١٩ الحديث ٤٠٤٠ ، انظر! مصباح الفقيه (كتاب الطهارة) : ٥٥٨ و ٥٥٩ ط. ق.
[٢] الظاهر أنّ هذه
الأخبار ليست لبيان الطهارة والنجاسة ، بل هي في مقام الحكم بالاجتناب عن اليهود
والنصارى ، وعدم الخلطة معهم ، وحاصلها : أنّها أحكام أخلاقية ، «منه رحمهالله».