وغيرها تدلّ عليه ، ولا يمكن دعوى
الشعاريّة أو أنّه من الحرمات بالهوى والتشهّي ، بل يجب أن يستند إلى آية قرآنيّة
أو حديث ثابت عن المعصوم.
وإنّك عرفت فيما مضى بأنّ مودّة أهل
الكساء من العظيم الّذي له حرمة عند الله ، حيث أكّد سبحانه لزوم مودّتهم وأنّ
هؤلاء الخمسة من أهل البيت قد طهّروا من الرجس ، وهم ظرف الرسالة ومستودع العلم ، وقد
أخبر هؤلاء الخمسة بأنّ خلفاء الرسول الاثني عشر ـ بدءا بالإمام عليّ وختما
بالمهديّ الموعود ـ هم المعصومون الّذين يجب الوفاء لهم وزيارتهم «فمن زارهم رغبةً
في زيارتهم وتصديقا بما رَغَّبوا فيه كان أئمّتهم شفعاءهم يوم القيامة».
وعليه يجب علينا مودّة أهل البيت أحياءا
كانوا أو أمواتا ، وإن لم يكن هؤلاء باعتقادنا أمواتاً (بَلْ
أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)[١] ، يرون
مقامنا ، ويسمعون كلامنا ، ويردّون سلامنا ، لأنّ رسول الله أمرنا بمودّتهم
ومحبّتهم وزيارتهم ، وأنّ ترك زيارتهم يُعَدُّ من الجفاء القبيح المنهيّ عنه في
حقّهم.
فلو لم يكن رسول الله ـ أو الأئمّة ـ
يسمعون كلامنا ، لما صحّ لنا أن نُسلمّ عليهم ونحن على بعد آلاف الكيلومترات ، بل
كيف يأمرنا صلىاللهعليهوآله
بالسلام عليه إن لم يكن يسمع ويجيب؟!
فإنّك لو رأيت شخصا يُسلّم على جدّه الخامس
ـ الميت قبل عشرات السنين ـ ويتكلّم معه بصيغة الخطاب وهو في غرفة بيته ، ألاَ
ترميه بالجنون؟ فكيف يأمرنا الرسول بالسلام عليه في الصلاة باللغة العربيّة وبين
المسلمين الهنديّ والفارسيّ والإنكليزيّ وهم بعيدون عن قبره ولغته بمسافات شاسعة؟
فما يعني هذا الأمر؟