المقصود من الاحقاب
مدة معينة ، ويكون قوله تعالى : (
لَّا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا إِلَّا حَمِيمًا
وَغَسَّاقًا )
حالاً من الضمير المستكن في ( لابثين ) فيكون قيداً للّبث ، فيحتمل أن
يلبثوا فيها أحقاباً غير ذائقين إلّا حميماً وغساقاً ، ثم يكون لهم لبث على
حال آخر من العذاب ، وكذا إن جعل أحقاباً منصوباً بلايذوقون قيداً له. قال
الالوسي : إن فيه بعد ، وقال : ومثله لو جعل ( لَّا يَذُوقُونَ
فِيهَا )
الخ صفة لـ « أحقاباً » وضمير « فيها » لها لا لجهنم ، لكنه أبعد من سابقه. [١]
وقال العلامة الطباطبائي : قيل : ( لَّا يَذُوقُونَ
فِيهَا )
الخ صفة « أحقاباً » والمعنى لابثنين فيها أحقاباً هي على هذه الصفة ، وهي
أنهم لايذوقون فيها برداً ولا شراباً إلّا حميماً وغساقاً ، ثم يكونون على
غير هذه الصفة إلى غير النهاية ، قال : وهو حسن لو ساعد السياق. [٢]
ونسبة هذا القول إلى ( قيل ) دليل على ضعفه عنده وقد أشار أيضاً بعدم مساعدة السياق لهذا الاعتبار.
وأما الوجه الثاني ، وهو أن معنى الآية
أنهم يلبثون في النار أحقاباً متتابعة لا انقطاع فيها ، فيكون قوله تعالى : ( لَّا يَذُوقُونَ فِيهَا )
الخ حسب هذا الوجه جملة مستأنفة وليس حالاً ، والضمير في قوله ( فيها ) عائد إلى جهنم.
ومما يؤيد هذا الرأي مانقله الرازي عن
الفراء قوله : أصل الحقب من الترادف والتتابع يقال : أحقب ، إذا أردف ، ومنه الحقيبة ، وكل من حمل وزراً فقد احتقب. [٣]
ويؤيده أيضاً ما قاله البروسوي
حيث قال : وأصل الحقب من الترادف والتتابع يقال : أحقب إذا أردف ، ومنه
الحقيبة : وهي الرفادة في مؤخرة القتب ، وكل ما شد في مؤخر رحل أو قتب فقد
احتقب ، والمحقب المردف. [٤] ويؤيده كذلك تعريف اللغويين الحقب بمدة من الزمان مبهمة.
فالأولى أن يحمل معنى الآية على الوجه
الثاني الذي قبله أكثر المفسرين ، وهو البعيد عن الاشكالات التي ترد على الوجه الأول.