عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا
كَافِرِينَ )[١] فالآية تخاطب اُولئك الذين دخلوا في
ولاية الشياطين ، وكذلك تخاطب أولولياءهم من شياطين الجن بأنه أرسل إليهم
الرسل ، وقصوا عليهم آيات الله وعلائمه التي تدلّ على الدين الحق ،
وأنذروهم عن لقاء يوم القيامة ، وأنه سبحانه سوف يوفقهم للحساب على أعمالهم
ثم يجازيهم بما عملوا ، وأنهم شهدوا على أنفسهم بكل ذلك ، وشهدوا أيضاً
بأنهم كانوا كافرين بكل ما جاء به الرسل ، وكان كل ذلك عن علم منهم لا عن
غفلة. وقد ثبت في تفسير الآية السابقة أن قوله : ( إِلَّا مَا شَاءَ
رَبُّكَ )
ليس استثناءً عن الخلود ، بل هو لاثبات القدرة الالهية المطلقة ، وانه لا يخرج شيء عن ارادته تعالى.
فالاستثناء في هذه الآية أيضاً ليس
استثناءً عن الخلود في النار ، لأن الآية نازلة في حق الكفار ، وقد اتفق
المفسرون على أن الكفار مخلدون في النار خلوداً أبدياً ، وعلى هذا يلزم
تفسيرها بما فسرنا به الآية السابقة ، وهي أنها لاثبات كون خلود الكافرين
في النار واقع عن إرادته سبحانه ، وخلودهم في النار لايسلب عنهم إرادته ،
بل ان شاء أن يخرجهم منها فعل ، ولكنه لا يخرجهم منها ولا يشاء ذلك ، بل
يجازيهم على كفرهم وأعمالهم القبيحة.
٣. دلالة اللبث
أحقاباً في النار على محدودية البقاء في جهنم
قالوا : إن الحقب في قوله تعالى : ( لَّابِثِينَ فِيهَا
أَحْقَابًا )[٢] زمن محدود عرفناه أم جهلناه ، فجمعه
أيضاً محدود لا تتصور فيه اللانهاية الزمنية للمكوث في النار ، فهذه الآية
تدلّ على انقطاع العذاب ، واستندوا في إثبات ما ذهبوا إليه على بعض
الروايات المنقولة عن الأصحاب. [٣]