إعطاء ما يستعد له
الشيء ويشتاقه في صراط الوجود والكينونة ، ورحمة خاصة ، هي إعطاء ما يستعد
الشيء في صراط الهداية إلى التوحيد وسعادة القرب ، وإعطاء صورة الشقاء
اللازم ، الذي أثره العذاب الدائم للانسان المستعد له باستعداده الشديد ،
لا ينافي الرحمة العامة بل هو منها ، وأما الرحمة الخاصة فلا معنى لشمولها
لمن هو خارج عن صراطها ، فلا منافاة بين العذاب الدائم والرحمة سواء العامة
منها أو الخاصة كما تبين ، على أن الإشكال لو تم لجرى في العذاب المنقطع
أيضاً حتى أنواع العذاب الدنيوي.
٢. إن العذاب إنما يكون عذاباً إذا لم
يلائم الطبع فيكون قسراً ، ولا معنى للقسر الدائم ، فكيف يصح وجود عذاب دائم ؟
الجواب : يجب أن يعين معنى عدم ملائمة
الطبع ، فانه تارة بمعنى عدم السنخية بين الموضوع والأثر الموجود عنده ،
وهو الفعل القسري الذي يصدر عن قسر القاسر ، ويقابله الأثر الملائم الذي
يصدر عن طبع الشيء إذا اقترن به آفات سم رسخت فيه ، فصارت صورة في الشيء ،
وعاد الشيء يطلبه بهذا الوجود ، وهو في عين الحال لا يحبه ، كما مثّلنا فيه
من مثال الماليخوليائي ، فهذه الآثار ملائمة لذاته من حيث صدورها عن طبعه
الشقي الخبيث ، والآثار الصادرة عن الطباع ملائمة ، وهي بعينها عذاب لصدق
حد العذاب عليها ، لكون الشيء لا يرتضيها ، فهي غير مرضية من حيث الذوق
والوجدان في عن كونها مرضية من حيث الصدور.
٣. إن العبد لم يذنب إلّا ذنباً منقطع
الآخر ، فكيف يجازى بعذاب دائم ؟
الجواب : ان العذاب ترتب أثر غير مرضي
على موضوعه الثابت حقيقة ، وهو صورة الشقاء ، فهذا الأثر معلول الصورة
الحاصلة بعد تحقق علل معدة ، وهي المخالفات المحدودة ، وليس معلولاً لتلك
العلل المعدة المحدودة حتى