النوع باذن الله من
غير قسر ، إلّا أنها لما كانت صادرة عن نوعيته من غير قسر ، فهي دائمة من
غير زوال بخلاف ما لو كانت حاصلة بالقسر ، ومثل هذا الانسان المعذب بلوازم
ملكاته من وجه ، مثل من ابتلى بمرض الماليخوليا أو الكابوس المستمر ، فإنه
لا يزال يصدر عن قوة تخيله صور هائلة أو مشوهة يعذب بها ، وهو نفسه هو الذي
يوجدها من غير قسر قاسر ، ولو لم تكن ملائمة لطبعة المريض ما أوجدها ، فهو
وإن لم يكن متألماً من حيث انتهاء الصدور اليه نفسه ، لكنه معذب بها من
حيث أن العذاب ما يفر منه الانسان إذا لم يبتل به بعد ويجب التخلص عنه إذا
ابتلى به ، وهذا الحد يصدق على الأمور المشوهة ، والصور غير الجميلة التي
تستقبل الانسان الشقي في دار آخرته ، فقد بان أن العذاب خالد غير منقطع عن
الانسان الشقي الذي لذاته شقوة لازمة. [١]
ولهذا نجد العلامة في تعليقه على
الأسفار يرد على صدرالدين الشيرازي في قوله : لا يخلو الكفر أو ما يجري
مجراه إما أن يخرج الانسان عن الفطرة الأولى ويدخله في فطرة أخرى من نوع
آخر أو لا ، وعلى التقديرين يلزم أن لا يكون العذاب أبدياً.
ويجيب العلامة عنه بقوله : أما على الشق
الأول ـ وهو الخروج عن الفطرة بحصول نوعية جديدة ـ فلأن هذه الصورة الجديدة
ـ كيفما كانت ـ هي صورة بعض الملكات الخبيثة التي حقيقتها نوع من التعلق
بالمادة والنفرة عن عالم القدس والطهارة ، فاذا تصور بها الانسان وأخذت
آثارها في الظهور ، ثم فارقت النفس البدن ، وظهرت لها حقيقة الأمر كان ما
يصدر عنها من الآثار مؤلماً لها ، وهي لا محيص لها عن إصدارها لمكان الملكة
التي صارت صورة