الأول : أن ذلك العقاب ضرر خال عن النفع
فيكون قبيحاً.
الثاني : إن العبد يقول يوم القيامة ، يا
إله العالمين هذه الأشياء التي كلفتني بها وعصيتك فيها ، إن كانت خالية عن
الحكمة والغرض ، كان التعذيب على تركها لا يليق بالرحمة ، وإن كانت مشتملة
على الحكمة والغرض ، فتلك الحكمة إن عادت اليك فأنت محتاج إلي ، وإن كان
المقصود من تكليفي بها عود منافعها إلي ، فلما تركتها فما قصرت إلا في حق
نفسي ، فكيف يليق بالحكيم أن يعذب حيواناً لأجل أنّه قصر في حق نفسه ؟
الثالث : أن جميع أفعال العبد من موجبات
أفعال الله تعالى ، فكيف يحسن التعذيب منه ؟ [١]
٩. محمد عزة دروزه
يذهب محمد عزة إلى أن آيات الوعيد جاءت
لاثارة الرعب والخوف في قلوب الكفار ، وآيات الوعد لاثارة الطمأنينة
والغبطة في قلوب المؤمنين. ففي تفسيره للآيات ( ١٠٥ ـ ١٠٧) من سورة هود ،
وبعد ذكر عدد من الأقوال في معنى الاستثناء ، قال : والذي نراه أن التعبير
من أساليب الوحي القرآني بقرن كل شيء بمشيئة الله تعالى ، إعلاناً بأن كل
شيء منوط بامره وإذنه ومشيئته ، وأنه لا ضرورة ولا طائل من التخمين في
عبارة متصلة بالحياة الأخروية التي هي حقيقة إيمانه مغيبة وأن الأولى
الوقوف منها عندما وقف عنده القرآن ، وملاحظة أن الآيات في جملتها بسبيل
إنذار الكفار السامعين ليرعووا ويتوبوا وتبشير المؤمنين ليغتبطوا. [٢]