علماً ، والفلاسفة
والغلاة إيماناً بالعبادة الباطنة علماً ، وكفراً بالعبادة الظاهرة عملاً
وأشباههم ، أولئك الذين باعوا آخرتهم بتركهم قبول قول أولياء الله وحدوده
بما تخيلوه في دنياهم واعتمدوا عقولهم ، ( فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ )
أي لا تفارقهم الآلام والحسرات ، ولاهم ممّن يتخلصون مما قد تمكن من أنفسهم ونشأوا عليه من الاعتقادات السقيمة. [١]
الخامسة : قولهم في
العفو الشفاعة
يقول جعفر بن منصور اليمن في تفسيره
لقوله تعالى : (
يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَٰنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا )
، [٢] قال الحكيم : لاينال الشفاعة من
القائم صلوات الله عليه يوم قيامة ـ إشارة إلى يوم القيامة ـ بالسيف إلّا
لمن أذن له الرحمن ، يعني إلّا من أتاه باذن الله أتباع الامام الصامت
المستور قبل ظهور القائم صلوات الله عليه لأن إذن الله عزّوجلّ بأيدي
الأئمة والرسل ، فمن إتبع إمام عصره فهو يدلّه ويشير به إلى القائم بحد
السيف من إذن الله.
قال : الشفاعة منه ، وكذلك شفاعة لمن
كان من أهل الولاية لهم إلّا أنه قصر عن واجب الأعمال ورضي له عملاً منها
في طاعتهم محيى على موالاتهم ومحبتهم ومودتهم ومات عليها ، فرضي الله عمله.
[٣]
أما بالنسبة إلى العفو الالهي فيذهب
إدريس عماد الدين القريشي ( المتوفى ٨٧٢ ه ) إلى عدم شمول العفو الالهي
لأصحاب العقاب غير الموالين للأئمة ، ففي شرحه لقول هبة الله الشيرازي وهو
قوله : وبه ـ أي بالائمة والأوصياء ـ يرتفع من يرتفع ويتضع من يتضع قال :
فالمرتفعون أهل الثواب الراقون إلى عالم اللطافة في زمرته ، والمتّضعون هم
أهل العقاب المنكبون على سوء أعمالهم الصائرون بها إلى النار الكبرى
المبعدون بها عن عفو الله ورحمته. [٤]
[١].
راجع : أحمد حميد الدين الكرماني ، راحة ، العقل ، ص ٥٨٩.