اسم الکتاب : الحسين (ع) والوهّابيّة المؤلف : جلال معاش الجزء : 1 صفحة : 324
يتكلّم في الفنون ، إلاّ
أنّ في عقله شيئاً ، وكان أهل دمشق يعظّمونه أشدّ التعظيم ، (وهذا ديدن الهمج
الرعاع الذين كانوا يعظّمون معاوية وعمرو بن العاص و ...) ، ويعظهم على المنبر ، وتكلّم
بأمر أنكره الفقهاء (التجسيم والتشبيه). قال : وكنت إذ ذاك بدمشق فحضرته يوم
الجمعة وهو يعظ الناس على منبر الجامع ويذكّرهم ، فكان من جُملة كلامه أن قال : (إنّ
الله ينزل إلى سماء الدنيا كنزولي هذا) ونزل درجة من المنبر ثمّ صعد ليكمل!
فعارضه فقيه مالكي يعرف بابن الزهراء ، وأنكر
ما تكلّم به ، فقامت العامّة إلى هذا الفقيه (ابن تيمية) وضربوه بالأيدي والنعال
ضرباً كثيراً حتّى سقطت عمامته ، وظهر على رأسه شاشيّة حرير (وهو محرّم على رجال
أُمّة محمد صلىاللهعليهوآله
، فأنكروا عليه لباسها واحتملوه إلى دار عزّ الدين بن مسلم قاضي الحنابلة ، فأمر
بسجنه ، وعزّره بعد ذلك [١]
(أي جلده وأقام عليه الحدّ).
هذه عقيدة القوم يا أهل الإيمان!
= وهاجرت أسرته إلى
الشام واستقرّت هناك ، وكانت آراؤه الكثيرة المنحرفة تخالف آراء الفقهاء ، فكفّروه
واشتدّت العداوة بينه وبينهم حتّى بدأ ولاة مصر يستمعون للشكايات المثيرة ، ومنها
شكايات الصوفية.
لم يقيّد ابن تيمية
نفسه باتّباع مذهب أحمد بن حنبل ، وكان من المسائل الكلامية يغالي في التوحيد ، وفي
زمانه رحّب الناس به واستمعوا إليه وأعجبوا به ، وتعصّب له فريق ، ولكنّ دعوته لم
تلقَ التأييد ، فظلّت راكدة إلى أربعة قرون ونصف ، حيث حملها محمد بن عبد الوهاب
مؤسّس الحركة الوهابيّة إلى شبه الجزيرة العربية في القرن الثاني عشر الهجري.