الحمد لله الذي أعطى كلّ شيء خلقه ثمّ
هدى ، ثمّ الصلاة والسّلام على مَنْ اختارهم هداةً لعباده ، لاسيّما خاتم الأنبياء
وسيّد الرسل والأصفياء أبو القاسم المصطفى محمّد صلىاللهعليهوآله
وعلى آله الميامين النجباء.
لقد خلق الله الإنسان وزوّده بعنصري
العقل والإرادة ، فبالعقل يبصر ، ويكتشف الحقّ ويميّزه عن الباطل ، وبالإرادة
يختار ما يراه صالحاً له ومحقّقاً لأغراضه وأهدافه.
وقد جعل الله العقل المميِّز حجّةً له
على خلقه ، وأعانه بما أفاض على العقول من معين هدايته ؛ فإنّه هو الذي علّم
الإنسان ما لم يعلم ، وأرشده إلى طريق كماله اللائق به ، وعرّفه الغاية التي خلقه
من أجلها ، وجاء به إلى هذه الحياة الدنيا من أجل تحقيقها.
وأوضح القرآن الحكيم بنصوصه الصريحة
معالم الهداية الربّانية وآفاقها ومستلزماتها وطرقها ، كما بيّن لنا عللها
وأسبابها من جهة ، وأسفر عن ثمارها ونتائجها من جهةٍ اُخرى.