وبهت عمر واستولت
الحيرة عليه ، وراح يصدّقه ويقول له : صدقت لم يكن لأبي منبر ، وأخذه فأجلسه إلى
جنبه ، وجعل يفحص عمّن أوعز إليه بذلك قائلاً له : مَنْ علّمك؟ فأجابه الإمام
الحسين عليهالسلام
: «والله ، ما
علّمني أحد» [١].
وقد كان الحق يقضي بأن لا يكتفي عمر
بالتصديق الكلامي للحسين عليهالسلام
من دون إعادة حقّه في فدك والخمس إليه ، وإعادة حقّ والده في الخلافة إليه ؛
إطاعةً لله وللرسول صلىاللهعليهوآله.
ويروى أيضاً أنّ عمر كان معنيّاً
بالإمام الحسين عليهالسلام
حتّى طلب منه أن يأتيه إذا عرض له أمر ، وقصده الحسين عليهالسلام يوماً ومعاوية عنده
، ورأى ابنه عبد الله ، فطلب عليهالسلام
الإذن منه فلم يأذن له ، فرجع معه ، والتقى به عمر في الغد فقال له : ما منعك يا
حسين أن تأتيني؟ قال الحسين عليهالسلام
: «إنّي جئت
وأنت خال بمعاوية فرجعت مع ابن عمر».
قال عمر : أنت أحقّ من ابن عمر ، فإنّما أنبت ما ترى في رؤوسنا الله ثمّ أنتم [٢].
الحسين عليهالسلام في عهد عثمان :
بخُلق الرسالة وآداب النبوّة ، وبالفضائل
السّامية أطلّ الإمام الحسين عليهالسلام
على مرحلة الرجولة في العقد الثالث من العمر ، يعيش أجواء أبيه المحتسب وهو يرى
اللعبة السّياسية تتلوّن والهدف واحد ، وهو أن لا يصل عليّ عليهالسلام وبنوه إلى زعامة
الدولة الإسلاميّة ، بل تبقى الخلافة بعيدة عنهم ؛ فها هو ابن الخطّاب لا يكتفي
بحمل الاُمّة على ما لا تطيق من جفاء رأيه وطبعه وأخطاء اجتهاداته ، حتّى ابتلاها
بالشورى السداسيّة التي انبثقت منها خلافة عثمان.