لقد كتب الإمام عليهالسلام قبل خروجه من
المدينة عدّة وصايا ، منها : وصية لأخيه هذا نصّها : «هذا ما أوصى به الحسين
بن عليّ إلي أخيه محمّد بن الحنفيّة ، أنّ الحسين يشهد أن لا إله إلاّ الله وحده
لا شريك له ، وأنّ محمداً عبده ورسوله جاء بالحق من عنده ، وأنّ الجّنة حق والنار
حق ، والساعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ الله يبعث مَنْ في القبور ، وإنّي لم أخرج
أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً ، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في اُمّة جدّي
؛ اُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ، وأسير بسيرة جدّي وأبي عليّ بن أبي
طالب ، فمَنْ قبلني بقبول الحقّ فالله أولى بالحقّ ، ومَنْ ردّ عليّ هذا أصبر حتّى
يقضي الله بيني وبين القوم وهو خير الحاكمين»
[١].
ومنها : وصيّته لاُم المؤمنين اُمّ سلمة
حيث أوصاها بما يرتبط بإمامة الإمام من بعده. روي أنّه لمّا عزم على الخروج من
المدينة أتته اُمّ سلمة رضياللهعنها
فقالت : يا بُني لا تحزنّي بخروجك إلى العراق ؛ فإنّي سمعت جدّك يقول : «يُقتل
ولدي الحسين عليهالسلام
بأرض العراق في أرض يُقال لها : كربلا». فقال لها : «يا اُماه ، وأنا والله أعلم ذلك ، وإنّي مقتول
لا محالة ، وليس لي من هذا بدّ ، وإنّي والله لأعرف اليوم الذي اُقتل فيه ، وأعرف
مَنْ يقتلني ، وأعرف البقعة التي اُدفن فيها ، وإنّي أعرف مَنْ يُقتل من أهل بيتي
وقرابتي وشيعتي ، وإن أردت يا اُمّاه اُريك حفرتي ومضجعي».
ثمّ أشار إلى جهة كربلاء ، فانخفضت
الأرض حتّى أراها مضجعه ومدفنه وموضع عسكره وموقفه ومشهده ، فعند ذلك بكت اُمّ
سلمة بكاءً شديداً