اسم الکتاب : أضواء على ثورة الحسين عليه السلام المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر الجزء : 1 صفحة : 27
الإمام العظيم (سلام
الله عليه) ، والإمام نفسه مؤيَّد ومُسَدَّد مِن قِبَل الله سبحانه ؛ ومِن هنا
استطاع أنْ يعلم بنحو أو آخر بالأمر الإلهي المُتوجِّه إليه بإيجاد هذه الحركة.
أمَّا بالأمر الموروث إليه مِن قِبَل جَدِّه رسول الله صلىاللهعليهوآله. أو بالعلم
اللدُّني [١]
، أو التسديد الإلهي الموجود لديه كواحد مِن المعصومين عليهمالسلام.
وهنا يُمكن أنْ يُستدلَّ ببعض الأدلَّة
الدينيَّة على إمكان النظر إلى المعصومين عليهمالسلام
كقادة دنيويِّين ، نذكر منها أهمَّها ، كما يلي :
الدليل
الأوَّل :
قوله تعالى : (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ)[٢]
، الدالَّة على أنَّ النبي صلىاللهعليهوآله
مأمور بمُشاورة أصحابه في أُموره ، وهو إنَّما يحتاج إلى هذه المُشاورة بصفته
قائداً دنيويَّاً ؛ إذ لو كان مؤيَّداً ومُسدَّداً لما احتاج إلى هذه المُشاورة. ثمَّ
إنَّه إذا ثبت ذلك للنبي صلىاللهعليهوآله
بنصِّ الآية الكريمة ، ثبت في غيره مِن المعصومين بطريق أولى ، بصفته خيرهم
وأعظمهم. ويُمكن الجواب على ذلك من وجوه نذكر بعضها :
الجواب
الأوَّل : إنَّنا إذا أمكننا أنْ نُجرِّد مِن
أيِّ قائد معصوم قائداً دنيويَّاً ، فلا يُمكن أنْ يكون ذلك مُحتملاً في حقِّ
النبي صلىاللهعليهوآله
؛ لأنَّ ذلك الاتِّجاه الفكري ، إذا حصل تشكيكه في كون سائر المعصومين ذوي تأييد
وتسديد إلهيَّين ، فإنَّه لا
[١] العلم اللَّدُني
: وهو علم ربَّاني إلهامي ، والعلم اللَّدُني هو الذي لا واسطة في حصوله بين النفس
وبين الباري عَزَّ وجلَّ. وها هو كالضوء مِن سراج الغيب ، يقع على قلبٍ صافٍ فارغٍ
لطيف (تفسير القاسمي ج ١١ ص ٤٠٩٧ نقلاً عن الغزالي) ، ونجد مصداق هذا العلم في
قوله تعالى : (فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ
عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً) الكهف آية ٦٥ ، أيْ علم لا صنعة فيه
للأسباب العاديَّة كالحِسِّ والفكر ، حتَّى يحصل مِن طريق الاكتساب ، والدليل على
ذلك قوله : (... مِن لَّدُنَّا ...) فهو علم وَهبيٌّ غير اكتسابيٍّ ، يختصُّ به
أولياءه. وآخر الآيات تدلُّ على أنَّه كان علماً بتأويل الحوادث (الميزان ج ١٣ ص ٣٤٢).