اسم الکتاب : أضواء على ثورة الحسين عليه السلام المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر الجزء : 1 صفحة : 204
الإلهيّة ذلك. وهناك
مستويات أخرى للجواب لا حاجة إلى الدخول في تفاصيلها.
تفرّقُ
الناس عنه
ولعلّ السؤال الأخير الذي يمكن عَرضهُ
في هذا الصدد : ما قالهُ بعض الأذكياء لبعض العلماء عمّا رويَ في التاريخ ، من أنّ
مسلم بن عقيل تفرّق عنه أصحابه كلّهم في يومٍ واحد أو عشيّة واحدة ، حتّى أصبحَ
يتلدّد في أزقّة الكوفة في ظلام الليل لا يجد مَن يؤويه [١] ، مع العلم أنّ من الكوفيين مَن هم على
درجة عالية من الإخلاص للحقّ المتمثّل في مسلم بن عقيل والحسين عليهماالسلام أمثال : حبيب بن
مظاهر ، ومسلم بن عوسجة ، وآخرين ، بدليل أنّ هذين المذكورَين قد استشهدا مع
الحسين في كربلاء ، إذاً فإخلاصهم مُحرز فلماذا تفرّقوا عن مسلم في تلك الليلة
وتركوه وحيداً حائراً؟
وقد أجاب ذلك العالِم : بأنّهم أعدّوا
أنفسهم للشهادة بين يدي الحسين عليهالسلام
، أقول : وهذا وحدهُ لا يكفي للإقناع ؛ لأنّ حادثة الحسين عليهالسلام كانت في ضمير
المستقبل بالنسبة إليهم ، ولم يكونوا يعلمون من حصولها شيئاً ، فكيف نتعقّل كونهم
استهدفوها بصراحة؟
ولكنّ تفصيل الجواب أن يقال : إنّ
المخلِصين الكاملين كانوا قلّة لا يستطيعون وحدهم الدفاع عن مسلم بن عقيل ، ولا
حفظ حياته وحياتهم.
فلمّا رأوا فشل الحركة وتفرّق الجيش عنه
، لم يشعروا بوجوب المحافظة على حياته شرعاً ، لليقين بكونه مقتولاً لا محالة ، حتّى
ولو كانوا هم إلى جنبه بل سيقتلون معه أيضاً ، إذاً فمسؤوليّة الدفاع عنه والحفاظ
عليه ساقطة عنهم يقيناً ، إذاً فخيرٌ لهم أن يحافظوا على حياتهم ، وهم كوفيون
يَعرفون المدينة