اسم الکتاب : مناظرات المستبصرين المؤلف : عبد الله الحسن الجزء : 1 صفحة : 428
مفهوم التوسل
وحقيقته ومفهوم الشرك
أمَّا قولك : إن هؤلاء الجهَّال يطلبون
من الميِّت ويتوسّلون به ، وهو لا ينفع ولا يضرُّ ، أو يطلبون حتى من الحيِّ طلباً
لا يقدر على فعله فهو شرك.
هذا الكلام لا يقبله جاهل فضلا عن عالم
، لأن هذا بعيدٌ كلَّ البعد عن مورد الشرك ، فإن معنى : الميِّت لا ينفع ولا يضرّ
غير تام ؛ لأنّ الحيّ بهذا المعنى لا ينفع ولا يضرّ أيضاً ، وبما أنّ الحيّ يضرُّ
بإذن الله كذلك الميِّت ، فليس هناك استقلاليَّة بالفعل سواء من الحيِّ أو الميِّت
، وبذلك لا يكون هنالك غرابة في الطلب من الميِّت ؛ لأنه كالطلب من الحيِّ ، وإنما
يكون البحث كل البحث عن جدوى الطلب أو عدم جدواه ، وهذا خارج جملةً وتفصيلا عن
مسار البحث ، ولتوضيح الصورة أضرب لكم مثالا : إذا طلبت من شخص أن يحضر لي كأساً
من الماء هل في هذا شرك؟
قال الجميع : لا.
وفي نفس الوقت إذا طلبت هذا الطلب من
نفس هذا الإنسان ، ولكنه كان نائماً ، فهو في الواقع لا يقدر على فعل هذا الأمر ،
ولكن هل يمكن أن تقول إنك مشرك لأنه لا يقدر؟
قالوا بكلمة واحدة : لا.
بل أكثر ما يمكن أن يقال في حقي أن طلبك
طلب عبثيُّ لا جدوى منه ، أو سميني حتى مجنوناً ، ولكن لا تصفني بالشرك.
وبهذا عرفنا أن عدم القدرة على الفعل
ليست ملاكاً في التوحيد والشرك.
أمَّا كلامك : إن طلب الأمور الماديّة
لا إشكال فيها ، وإنّما الشرك هو طلب
اسم الکتاب : مناظرات المستبصرين المؤلف : عبد الله الحسن الجزء : 1 صفحة : 428