اسم الکتاب : مناظرات المستبصرين المؤلف : عبد الله الحسن الجزء : 1 صفحة : 300
الجهد ، وشاهدت بعد
الصلاة شيخاً يبدو أنه عراقيٌّ من خلال اللهجة والبحّة ، يصيح ويخطب بالناس : يا
موالين! يا شيعة! اليوم قتل إمامكم ، اليوم ـ الظليمة الظليمة ـ بقي الحسين ثلاث
ساعات ملقياً على وجه الأرض ، قد صنع وسادة من الرمل ، فظنَّ بعض العسكر أن الحسين
عليهالسلام قد صنع لهم
مكيدة ، فقالوا : إن الحسين لا يمكنه فعل شيء ، وقال بعضهم : إنه مثخن بالجراح ،
ولا يقوى على القيام ، وقال بعضهم : إن الرجل غيور ، إذا أردتم أن تعرفوا حاله
فاهجموا على المخيَّم ، فهجموا على المخيَّم ، وروَّعوا النساء والأطفال ، فخرجت
الحوراء زينب ووقفت على التلّ ، ثمَّ نادت بصوت حزين يقرح القلوب : يا ابن أمي يا
حسين! يا حبيبي يا حسين! إن كنت حيّاً فأدركنا ، فهذه الخيل قد هجمت علينا ، وإن
كنت ميّتاً فأمرنا وأمرك إلى الله ، فلمَّا سمع الحسين صوت أخته قام ووقع على وجهه
، ثمَّ قام ووقع على وجهه ثانية ، ثمَّ قام ثالثة ووقع على وجهه ، عند ذلك صاح :
يا شيعة آل أبي سفيان! إن لم يكن لكم دين ، وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحراراً
في دنياكم ، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عرباً كما تزعمون ، فنادى الشمر : ما
تقول يا ابن فاطمة؟ قال : أنا الذي أقاتلكم ، والنساء ليس عليهن جناح ، فامنعوا
عتاتكم وأشراركم عن التعرُّض لحرمي ما دمت حيّاً ، قال الشمر : إليكم عن حرم الرجل
واقصدوه بنفسه ، فانكفأت الخيل والرجال على أبي عبدالله الحسين عليهالسلام.
وانتهى الشيخ من كلامه وبدأ يخطب
ويتكلَّم ، والناس تضجّ وتبكي ، وهو يقول : وهم في طريقهم إلى الشام نزلوا منزلا
فيه دير راهب ، فرفعوا الرأس على قناة طويلة ( رأس الحسين ) إلى جانب دير الراهب ،
فلمَّا عسعس الليل سمع الراهب للرأس دويّاً كدويِّ النحل ، وتسبيحاً وتقديساً ،
فنظر إلى الرأس وإذا هو
اسم الکتاب : مناظرات المستبصرين المؤلف : عبد الله الحسن الجزء : 1 صفحة : 300