اسم الکتاب : مناظرات المستبصرين المؤلف : عبد الله الحسن الجزء : 1 صفحة : 268
الصعبة التي يمرُّ
بها أهلي ، وخاصة الظروف الماديّة ، حيث لم أتمكَّن من الذهاب إلى أهلي بعد
التسريح من خدمتي الإلزاميَّة ، فاضطررت إلى المكوث في بيروت ، وأسكن مع الشباب
السوريين في منطقة تسمَّى خلدة ( مشروع نائل السكني ) ، فكان هناك شباب من القرية
والبلد فسكنت معهم ، وتركت مهنة التعليم ، وكنت أجد مصلحة شاقّة وصعبة من
الإعداديّة والثانويّة ، حيث كنت أسافر مع عمّي ( أبو طلال ) إلى بيروت ، وعلَّمني
تجارة الإسمنت والحديد ، إذ أصبحت معلِّماً في هذا المجال ، ومكثت أكثرمن شهرين بعد
انتهائي من الخدمة.
وبعد فترة من العمل أكثر من أسبوع
جاءتنا عطلة ، فتوقَّفت أسبوعاً آخر عن العمل ، وكنت أقف صباحاً مع العمَّال
العاطلين في هذا المشروع ؛ لأن هناك مكاناً يشبه المعرض كنت أقف فيه وأنتظر
الساعات الطويلة ، حتى يأتيني إنسان بحاجة إلى عامل أو معلِّم حدّاد أو نجّار ،
وهكذا تجري الأَيَّام والليالي ، وإذا بهذا الصديق الشيعي ( دخل الله ) يأتي إلى
معرض العمَّال ، فينظر في وجوه العاملين ، فيشاهدني من بينهم ، شتان ما بين
الموقفين!! موقف كنت أرتدي البزّة العسكريّة ، وموقف حاليّاً أرتدي فيه لباس العمل
، فقال صديقي الشيعي : أتشتغل معي؟ تشغِّلني في مصلحة ( البلاط )؟
فقلت له بعد فترة : نعم ، وبدأنا نشتغل
أنا وصديقي الشيعي سويَّة ، وفي اليوم الثاني قال لي : لِمَ لمْ تحدِّثني ـ يا أخي
ـ إلى أين وصلت في كتاب المراجعات؟
فقلت له : والله لم أتمكَّن من قراءته
كما يجب ؛ لأن القراءة ـ يا صديقي ـ تحتاج إلى ذهن صاف ؛ لأن العلم ـ كمايقال ـ
شديد الانفلات ، إذا أعطيته كلَّك أعطاك بعضه ، وإذا أعطيته نصفك لم يعطك شيئاً ،
وأنا كنت مكابراً معه لوصايا
اسم الکتاب : مناظرات المستبصرين المؤلف : عبد الله الحسن الجزء : 1 صفحة : 268