اسم الکتاب : مناظرات المستبصرين المؤلف : عبد الله الحسن الجزء : 1 صفحة : 225
بعد وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ ويكفي أنهم اقتتلوا في واقعة الجمل ،
فكان القتلى من الصحابة والتابعين بالألوف ، فكيف جاز لهم أن يقتتلوا ويتسابّوا ،
ولا يجوز لنا أن نعيِّن المخطئ منهم والمصيب؟ [١]
[١] والمشكلة عند القوم تكمن في تزكيتهم جميع الصحابة بلا استثناء
، يقول ابن الأثير في مقدِّمة كتابه أسد الغابة في معرفة الصحابة : ١/٣ : والصحابة
يشاركون سائر الرواة في جميع ذلك إلاَّ الجرح والتعديل ، فإنّهم كلّهم عدول ، لا
يتطرَّق الجرح إليهم ؛ لأن الله عزَّوجلَّ ورسوله 6 زكَّياهم
وعدَّلاهم ، وذلك مشهور لا نحتاج لذكره.
أقول : ليس هناك
أيُّ دليل على أن الله تعالى ورسوله 6 زكَّيا
جميع الصحابة ، وحاشاهما ، والقرآن الكريم والسنّة فيهما الأدلّة التي تنافي هذه
الدعوى ، وذلك من خلال بعض الآيات والأحاديث الشريفة ، وكيف يكونون كلُّهم عدولا ،
وفيهم من هو معلوم الحال ، وفيهم المنافقون الذين يتستَّرون تحت شعار الإسلام ،
ونزلت آيات من القرآن فيهم ، بل نزلت سورة كاملة باسمهم وهي سورة المنافقون ، وإذا
حكمنا بأن جميع الصحابة عدول فقد حكمنا في الضمن أيضاً بعدالة جميع المنافقين ،
المندسّين في صفوف الصحابة ، والمتستِّرين باسم الإسلام وباسم صحابة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكانت لهم بعض العلامات التي يعرفون
بها ، فقد روى الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين : ٣/١٢٩ وصحَّحه ، عن
أبي ذر رضي الله عنه قال : ما كنّا نعرف المنافقين إلاَّ بتكذيبهم الله ورسوله 6 ، والتخلُّف عن الصلوات ، والبغض لعليِّ
بن أبي طالب عليهالسلام، قال الحاكم
: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
وقد أخبر القرآن عن
بعضهم وسمَّاه فاسقاً ، وهو الوليد ، وذلك في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً
بِجَهَالَة فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) سورة الحجرات ، الآية : ٦. فانظر قصة
الوليد بن عقبة ونزول الآية فيه في الدرّ المنثور للسيوطي : ٦/٨٨.
وقد روى البخاري في
صحيحه : ٧/٢٠٧ عن أنس ، عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
قال : ليردن عليَّ ناس من أصحابي الحوض ، حتى إذا عرفتهم اختلجوا دوني ، فأقول :
أصحابي فيقول : لا تدري ما أحدثوا بعدك.
وروى في ص ٢٠٩ عن
أسماء بنت أبي بكر ، قالت : قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
: إني على الحوض حتى أنظر من يرد عليَّ منكم ، وسيؤخذ ناس من دوني ، فأقول : يا
ربّ! منّي ومن أمتي ، فيقال : هل شعرت ما عملوا
اسم الکتاب : مناظرات المستبصرين المؤلف : عبد الله الحسن الجزء : 1 صفحة : 225