اسم الکتاب : مناظرات المستبصرين المؤلف : عبد الله الحسن الجزء : 1 صفحة : 190
ترجى براءته.
فأطرق الشيخ دقيقة صمت ، ثمَّ نظر إليَّ
نظر العالم المتمكِّن والمتحدّي ، فقال : يا حاج حسين! لا يمكن أن الصحابة يغلطون
أو يزلّون ، وإذا الصحابة يغلطون أو يزلّون ، أو يأثمون ويجرمون ، أو يتعاطون
المعاصي فأنا أشرط عمامتي وأضعها في بيت الماء ـ يعني يمزِّقها ويضعها في المرحاض.
ولمَّا أنهى الشيخ كلامه أطرقت رأسي ،
ولم أردَّ جواباً ، وشرع ذهني يتجوَّل بين ثلاثة محاور ، تارة في مكتبة الشيخ التي
تضمُّ صحيحي مسلم والبخاري ، وتارة في عمامته التي أصيغت على طراز أبدع ما تصاغ به
العمائم ، وثالثة أفكِّر في المرحاض الذي لا يبعد كثيراً عن مجلس الحوار ، فأخذني
صراع داخلي ، فتارة تحمل عليَّ نفسي فأكاد أن أقول للشيخ : آتني بمجلَّد كذا ورقم
كذا وباب كذا وكذا في مسلم والبخاري ، وتارة أحمل عليها فأسكتها ، فو الله ما
منعني عن ردّ التحدّي إلاَّ شيمي وأخلاقي ، ولأن الردَّ خطير.
وبعد الحوار الذي هو أقرب إلى كونه
صبياني تفرَّقنا ، ولمَّا دخلت بيتي وأخذت مضجعي أدركتني بركة الشيخ ، فاستفدت
كثيراً ، غير أنها من نوع سلبي ونتيجة عكسيَّة ، حيث قرَّرت أن لا أموت إلاَّ
شيعيّاً على طريق محمَّد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وعلمت أن الشيخ مأسور الفكر والدراسة ،
وأدركت أن كثيراً ما يوجد في العالم الإسلامي من عالم بلا علم ، وعمامة بلا معمَّم
، وأيقنت أن طلب العلم للعلم هو غيره عن طلب العلم للوظيفة والاكتساب [١].
[١] دفاع من وحي
الشريعة ، السيد حسين الرجا : ٢٨ : ٣٠ ، المتحوِّلون ، الشيخ هشام آل قطيط : ٣٦٦ ـ
٣٦٧.
اسم الکتاب : مناظرات المستبصرين المؤلف : عبد الله الحسن الجزء : 1 صفحة : 190