العالم ، وفناء الخلق ، فلمّا شاهدتم أنّ مخالفة الملك المجازي تفضي آخر
الأمر إلى تخريب العالم وفناء الخلق ، فانظروا إلى مخالفة ملك الملوك ؛ كيف يكون
تأثيرها في زوال المصالح ، وحصول المفاسد.
وتمام تقريره
أنّه تعالى بيّن أنّ الكفر سبب لخراب العالم ، قال تعالى : (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ
وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ
وَلَداً)[١] وبيّن أنّ طاعته سبب للمصالح ، قال : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ
وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ
لِلتَّقْوى)[٢] فيا أيّها الرّعية ، كونوا مطيعين لمولاكم ، ويا أيّها
الملوك ، كونوا مطيعين لملك الملوك حتّى تنتظم مصالح العالم. انتهى كلامه ملخّصا [٣].
وفي تقديم
الخبر إشارة إلى اختصاص الملكيّة به تعالى ، وأنّه ملك الملوك ، وسلطان السلاطين ،
وإيماء إلى برهان استحقاق التعظيم والعبوديّة ، ووجوب إطاعته في أوامره ونواهيه ،
فإذا دلّ العقل على وجوب إطاعة الملك المجازي ، فدلالته على وجوب إطاعة ملك الملوك
الحقيقيّ أوضح وأتمّ. وفي الإتيان بجملة الصلة الاسميّة ، إشارة إلى دوام مضمونها
وثباته.
وقوله : (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) جملة حاليّة غير منتقلة ، وإن غلب الانتقال في الأحوال
لدوام صفاته تعالى وثباتها أزلا وأبدا ، وهي في الحقيقة مبنيّة للجملة السابقة ،
بل برهان لمضمونها ، وإشارة إلى أنّه تعالى كما هو