اسم الکتاب : الدّرر الملتقطة في تفسير الآيات القرآنيّة المؤلف : الخواجوئي، محمد إسماعيل الجزء : 1 صفحة : 96
وبالاعتبار الثاني قيل : هو الفضائل
كلها من حيث انه لا يخرج شيء من الفضائل عنه.
وبيانه : ان الفضائل كلها ملكات متوسطة
بين طرفي افراط وتفريط ، فالمتوسط منها هو العدل ، كالحكمة النظرية المتوسطة بين
الجربزة والغباوة ، والعفة المتوسطة بين خمود الشهورة والفجور ، والشجاعة المتوسطة
بين الجبن والتهور ، والسخاء بين التبذير والبخل ، والتواضع بين الكبر والذل ، والاقتصاد
بين الاسراف والتقتير ، والانصاف بين الظلم والانظلام ، وقس على ذلك سائر الاخلاق
الفاضلة.
فالاوساط بين هذه الاطراف المتضادة هي
الفضائل ، ولكل منها طرفا تفريط وافراط هما مذمومان ، والخروج الى احدهما هو الجور
الذي هو ضد العدل ، والاطراف المتضادة هي الرذائل ، ومن هنا قيل : خير الامور
اوسطها.
ثم هذا الحكم في العدل جار في باب
العقائد ايضا ، كالتوحيد المتوسط بين التعطيل والشرك ، والتعويل على الامر بين
الجبر والتفويض ، وفي باب الاعمال كأداء الواجبات والسنن المتوسط بين البطالة
والترهب ، وفي باب الاقوال كالبلاغة المتوسطة بين العي والهذر.
والذين يجب على الانسان استعمال العدل
معهم خمسة :
الاول : رب العزة تعالى وتقدس ، وذلك
بمعرفة توحيده واحكامه والقيام بها.
الثاني : قوى النفس ، وذلك بأن يجعل
هواه مستسلماً لعقله ، فقد قيل : اعدل الناس من انصف عقله من هواه.
الثالث : اسلافه الماضون في انفاذ
قضاياهم والدعاء لهم.
الرابع : معاملوه واحباؤه في اداء
الحقوق ، والانصاف في المعاملات من المبايعات والمقارضات والكرامات.
الخامس : عامة الناس على سبيل الحكم ، وذلك
اذا تؤتى الحكم بينهم.
اسم الکتاب : الدّرر الملتقطة في تفسير الآيات القرآنيّة المؤلف : الخواجوئي، محمد إسماعيل الجزء : 1 صفحة : 96