الدُّنْيَا حَتَّى تَمُوتَ فَتَرَانِي فِي الْآخِرَةِ،وَ لَكِنْ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَرَانِي فِي الدُّنْيَا فَانْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ،فَإِنْ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي،فَأَبْدَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ بَعْضَ آيَاتِهِ،وَ تَجَلَّى رَبُّنَا[لِلْجَبَلِ]فَتُقْطَعُ الْجَبَلُ فَصَارَ رَمِيماً،وَ خَرَّ مُوسَى صَعِقاً،يَعْنِي مَيِّتاً،فَكَانَتْ عُقُوبَتُهُ الْمَوْتَ،ثُمَّ أَحْيَاهُ اللَّهُ وَ بَعَثَهُ وَ تَابَ عَلَيْهِ،فَقَالَ:سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ،يَعْنِي أَوَّلُ مُؤْمِنٍ آمَنَ بِكَ مِنْهُمْ [1]،أَنَّهُ لَنْ يَرَاكَ.
وَ أَمَّا قَوْلُهُ: وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرىٰ* عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهىٰ يَعْنِي مُحَمَّداً(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)[كَانَ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى]حَيْثُ لاَ يَتَجَاوَزُهَا [2]خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ،وَ قَوْلُهُ فِي آخِرِ الْآيَةِ: مٰا زٰاغَ الْبَصَرُ وَ مٰا طَغىٰ* لَقَدْ رَأىٰ مِنْ آيٰاتِ رَبِّهِ الْكُبْرىٰ [3]رَأَى جَبْرَئِيلُ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)فِي صُورَتِهِ مَرَّتَيْنِ:هَذِهِ الْمَرَّةَ،وَ مَرَّةً أُخْرَى،وَ ذَلِكَ أَنَّ خَلْقَ جَبْرَئِيلَ عَظِيمٌ،فَهُوَ مِنَ الرُّوحَانِيِّينَ الَّذِينَ لاَ يُدْرِكُ خَلْقَهُمْ وَ صِفَتَهُمْ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ.
وَ أَمَّا قَوْلُهُ: يَوْمَئِذٍ لاٰ تَنْفَعُ الشَّفٰاعَةُ إِلاّٰ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمٰنُ وَ رَضِيَ لَهُ قَوْلاً* يَعْلَمُ مٰا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ مٰا خَلْفَهُمْ وَ لاٰ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً لاَ يُحِيطُ الْخَلاَئِقُ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عِلْماً،إِذْ هُوَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى جَعَلَ عَلَى أَبْصَارِ الْقُلُوبِ الْغِطَاءَ،فَلاَ فَهْمٌ يَنَالُهُ بِالْكَيْفِ،وَ لاَ قَلْبٌ يُثْبِتُهُ بِالْحُدُودِ،فَلاَ يَصِفُهُ إِلاَّ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ،لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ،الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ الظَّاهِرُ وَ الْبَاطِنُ،الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ،خَلَقَ الْأَشْيَاءَ،فَلَيْسَ مِنَ الْأَشْيَاءِ شَيْءٌ مِثْلَهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى».
فَقَالَ:فَرَّجْتَ عَنِّي،فَرَّجَ اللَّهُ عَنْكَ،وَ حَلَلْتَ عَنِّي عُقْدَةً،فَأَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.
[فَقَالَ]:(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)«وَ أَمَّا قَوْلُهُ: وَ مٰا كٰانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللّٰهُ إِلاّٰ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرٰاءِ حِجٰابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مٰا يَشٰاءُ [4]،وَ قَوْلُهُ: وَ كَلَّمَ اللّٰهُ مُوسىٰ تَكْلِيماً [5]،وَ قَوْلُهُ: وَ نٰادٰاهُمٰا رَبُّهُمٰا [6]،وَ قَوْلُهُ:
يٰا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ [7] ،فَأَمَّا قَوْلُهُ: وَ مٰا كٰانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللّٰهُ إِلاّٰ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرٰاءِ حِجٰابٍ ،فَإِنَّهُ مَا يَنْبَغِي لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً وَ لَيْسَ بِكَائِنٍ إِلاَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ،كَذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عُلُوّاً كَبِيراً،قَدْ كَانَ الرَّسُولُ يُوحَى إِلَيْهِ مِنْ رُسُلِ السَّمَاءِ،فَتُبَلِّغُ رُسُلُ السَّمَاءِ رُسُلَ الْأَرْضِ،وَ قَدْ كَانَ الْكَلاَمُ بَيْنَ رُسُلِ أَهْلِ الْأَرْضِ وَ بَيْنَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرْسَلَ بِالْكَلاَمِ مَعَ رُسُلِ أَهْلِ السَّمَاءِ.وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):يَا جَبْرَئِيلُ،هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟فَقَالَ جَبْرَئِيلُ:إِنَّ رَبِّي لاَ يُرَى.فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):
فَمِنْ أَيْنَ تَأْخُذُ الْوَحْيَ؟قَالَ:آخُذُهُ مِنْ إِسْرَافِيلَ.فَقَالَ:وَ مِنْ أَيْنَ يَأْخُذُهُ إِسْرَافِيلُ؟قَالَ:يَأْخُذُهُ مِنْ مَلَكٍ فَوْقَهُ مِنَ
[1] (منهم)ليس في«ج،ي».
[2] في«ج،ي»:لا يجاوزها.
[3] النجم 53:17:18.
[4] الشورى 42:51.
[5] النساء 4:164.
[6] الأعراف 7:22.
[7] البقرة 2:35.