الْمَوْضِعِ وَعِيدٌ مِنْ رَبِّي إِنْ لَمْ أَفْعَلْ،أَلاَ وَ إِنِّي غَيْرُ هَائِبٍ لِقَوْمٍ وَ لاَ مُحَابٍ لِقَرَابَتِي.
أَيُّهَا النَّاسُ،مَنْ أَوْلَى بِكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ؟»قَالُوا:اَللَّهُ وَ رَسُولُهُ،قَالَ:«اللَّهُمَّ اشْهَدْ،وَ أَنْتَ-يَا جَبْرَئِيلُ-فَاشْهَدْ» حَتَّى قَالَهَا ثَلاَثاً.ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)فَرَفَعَهُ إِلَيْهِ،ثُمَّ قَالَ:«اللَّهُمَّ مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاَهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ،وَ انْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَ اخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ»قَالَهَا ثَلاَثاً.ثُمَّ قَالَ:«هَلْ سَمِعْتُمْ؟»قَالُوا:
اللَّهُمَّ بَلَى،قَالَ:«فَأَقْرَرْتُمْ؟»قَالُوا:اَللَّهُمَّ نَعَمْ.ثُمَّ قَالَ:«اللَّهُمَّ اشْهَدْ،وَ أَنْتَ-يَا جَبْرَئِيلُ-فَاشْهَدْ».
ثُمَّ نَزَلَ فَانْصَرَفْنَا إِلَى رِحَالِنَا،وَ كَانَ إِلَى جَانِبِ خِبَائِي خِبَاءٌ لِنَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ،وَ هُمْ ثَلاَثَةٌ،وَ مَعِي حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ،فَسَمِعْنَا أَحَدَ الثَّلاَثَةِ وَ هُوَ يَقُولُ:وَ اللَّهِ إِنَّ مُحَمَّداً لَأَحْمَقُ إِنْ كَانَ يَرَى أَنَّ الْأَمْرَ يَسْتَقِيمُ لِعَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ!وَ قَالَ آخَرُ:أَ تَجْعَلُهُ أَحْمَقَ،أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ مَجْنُونٌ،قَدْ كَادَ أَنْ يُصْرَعَ عِنْدَ امْرَأَةِ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ؟وَ قَالَ الثَّالِثُ:دَعُوهُ إِنْ شَاءَ أَنْ يَكُونَ أَحْمَقَ،وَ إِنْ شَاءَ أَنْ يَكُونَ مَجْنُوناً،وَ اللَّهِ مَا يَكُونُ مَا يَقُولُ أَبَداً.فَغَضِبَ حُذَيْفَةُ مِنْ مَقَالَتِهِمْ،فَرَفَعَ جَانِبَ الْخِبَاءِ فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ إِلَيْهِمْ،وَ قَالَ:فَعَلْتُمُوهَا وَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ وَ وَحْيُ اللَّهِ يَنْزِلُ عَلَيْكُمْ،وَ اللَّهِ لَأُخْبِرَنَّهُ بُكْرَةً بِمَقَالَتِكُمْ.
فَقَالُوا لَهُ:يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ،وَ إِنَّكَ هَاهُنَا وَ قَدْ سَمِعْتَ مَا قُلْنَا،اكْتُمْ عَلَيْنَا فَإِنَّ لِكُلِّ جِوَارٍ أَمَانَةً.
فَقَالَ لَهُمْ:مَا هَذَا مِنْ جِوَارِ الْأَمَانَةِ،وَ لاَ مِنْ مَجَالِسِهَا،وَ مَا نَصَحْتُ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ إِنْ أَنَا طَوَيْتُ عَنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ.
فَقَالُوا لَهُ:يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ،فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ،فَوَ اللَّهِ لَنَحْلِفَنَّ أَنَّا لَمْ نَقُلْ،وَ أَنَّكَ قَدْ كَذَبْتَ عَلَيْنَا،أَ فَتَرَاهُ يُصَدِّقُكَ وَ يُكَذِّبُنَا وَ نَحْنُ ثَلاَثَةٌ؟ فَقَالَ لَهُمْ:أَمَّا أَنَا فَلاَ أُبَالِي إِذَا أَدَّيْتُ النَّصِيحَةَ إِلَى اللَّهِ وَ إِلَى رَسُولِهِ،فَقُولُوا مَا شِئْتُمْ أَنْ تَقُولُوا.
ثُمَّ مَضَى حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)وَ عَلِيٌّ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)إِلَى جَانِبِهِ مُحْتَبٍ [1] بِحَمَائِلِ سَيْفِهِ،فَأَخْبَرَهُ بِمَقَالَةِ الْقَوْمِ،فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)فَأَتَوْهُ،فَقَالَ لَهُمْ:«مَاذَا قُلْتُمْ؟»فَقَالُوا:وَ اللَّهِ مَا قُلْنَا شَيْئاً،فَإِنْ كُنْتَ بُلِّغْتَ عَنَّا شَيْئاً فَمَكْذُوبٌ عَلَيْنَا.فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ بِهَذِهِ الْآيَةِ يَحْلِفُونَ بِاللّٰهِ مٰا قٰالُوا وَ لَقَدْ قٰالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلاٰمِهِمْ وَ هَمُّوا بِمٰا لَمْ يَنٰالُوا ،وَ قَالَ عَلِيٌّ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)عِنْدَ ذَلِكَ:«لِيَقُولُوا مَا شَاءُوا،وَ اللَّهِ إِنَّ قَلْبِي بَيْنَ أَضْلاَعِي، وَ إِنَّ سَيْفِي لَفِي عُنُقِي،وَ لَئِنْ هَمُّوا لَأَهُمَّنَّ».
فَقَالَ جَبْرَئِيلُ لِلنَّبِيِّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):اِصْبِرْ لِلْأَمْرِ الَّذِي هُوَ كَائِنٌ.فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)عَلِيّاً(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)بِمَا أَخْبَرَهُ بِهِ جَبْرَئِيلُ.فَقَالَ:«إِذَنْ أَصْبِرُ لِلْمَقَادِيرِ».
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):«وَ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمَلَأِ شَيْخٌ:لَئِنْ كُنَّا بَيْنَ أَقْوَامِنَا كَمَا يَقُولُ هَذَا لَنَحْنُ أَشَرُّ مِنَ الْحَمِيرِ» قَالَ:«وَ قَالَ آخَرُ شَابٌّ إِلَى جَنْبِهِ:لَئِنْ كُنْتَ صَادِقاً لَنَحْنُ أَشَرُّ مِنَ الْحَمِيرِ».
99-/4637 _2- عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِيِّ،عَنْ أَبِيهِ،قَالَ:سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)يَقُولُ: «لَمَّا قَالَ
[1] احتبى بثوبه:اشتمل.«لسان العرب-14:160».