وَ ذَرْنِي وَ الْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ [1] .وَ قَالَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: اِدْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَدٰاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَ مٰا يُلَقّٰاهٰا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَ مٰا يُلَقّٰاهٰا إِلاّٰ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [2]فَصَبَرَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)حَتَّى نَالُوهُ بِالْعَظَائِمِ وَ رَمَوْهُ بِهَا،فَضَاقَ صَدْرُهُ،فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمٰا يَقُولُونَ* فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ كُنْ مِنَ السّٰاجِدِينَ [3]ثُمَّ كَذَّبُوهُ وَ رَمَوْهُ فَحَزِنَ لِذَلِكَ،فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاٰ يُكَذِّبُونَكَ وَ لٰكِنَّ الظّٰالِمِينَ بِآيٰاتِ اللّٰهِ يَجْحَدُونَ* وَ لَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلىٰ مٰا كُذِّبُوا وَ أُوذُوا حَتّٰى أَتٰاهُمْ نَصْرُنٰا [4].
فَأَلْزَمَ النَّبِيُّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)نَفْسَهُ الصَّبْرَ،فَتَعَدَّوْا،فَذَكَرُوا اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ كَذَّبُوهُ،فَقَالَ:قَدْ صَبَرْتُ فِي نَفْسِي وَ أَهْلِي وَ عِرْضِي،وَ لاَ صَبْرَ لِي عَلَى ذِكْرِ إِلَهِي،فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضَ وَ مٰا بَيْنَهُمٰا فِي سِتَّةِ أَيّٰامٍ وَ مٰا مَسَّنٰا مِنْ لُغُوبٍ* فَاصْبِرْ عَلىٰ مٰا يَقُولُونَ [5].
فَصَبَرَ النَّبِيُّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ،ثُمَّ بُشِّرَ فِي عِتْرَتِهِ بِالْأَئِمَّةِ [6]،وَ وُصِفُوا بِالصَّبْرِ،فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ:
وَ جَعَلْنٰا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنٰا لَمّٰا صَبَرُوا وَ كٰانُوا بِآيٰاتِنٰا يُوقِنُونَ [7] فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):اَلصَّبْرُ مِنَ الْإِيمَانِ كَالرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ،فَشَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ذَلِكَ لَهُ،فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنىٰ عَلىٰ بَنِي إِسْرٰائِيلَ بِمٰا صَبَرُوا وَ دَمَّرْنٰا مٰا كٰانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَ قَوْمُهُ وَ مٰا كٰانُوا يَعْرِشُونَ [8]فَقَالَ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):إِنَّهُ بُشْرَى وَ انْتِقَامٌ،فَأَبَاحَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ قِتَالَ الْمُشْرِكِينَ،فَأَنْزَلَ تَعَالَى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ خُذُوهُمْ وَ احْصُرُوهُمْ وَ اقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ، وَ اقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ [9]فَقَتَلَهُمُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)وَ أَصْحَابِهِ [10]،وَ جَعَلَ لَهُ ثَوَابَ صَبْرِهِ مَعَ مَا ادَّخَرَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ،فَمَنْ صَبَرَ وَ احْتَسَبَ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى يُقِرَّ اللَّهُ لَهُ عَيْنَهُ فِي أَعْدَائِهِ مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ».
99-/4440 _2- وَ عَنْهُ:بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْمِنْقَرِيِّ،عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ،عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،قَالَ: «سَأَلَ رَجُلٌ أَبِي(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)عَنْ حُرُوبِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ(صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)،وَ كَانَ السَّائِلُ مِنْ مُحِبِّينَا.فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):بَعَثَ اللَّهُ
[1] المزّمّل 73:10،11.
[2] فصّلت 41:34،35.
[3] الحجر 15:97،98.
[4] الأنعام 6:33،34.
[5] سورة ق 50:38،39.
[6] في«ط»:ثمّ تصبّر في عترته الأئمّة.
[7] السجدة 32:24.
[8] الأعراف 32:24.
[9] البقرة 2:191،النساء 4:91.
[10] في المصدر:و أحبائه.