responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البرهان في تفسير القرآن المؤلف : البحراني، السيد هاشم    الجزء : 2  صفحة : 576

اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)إِذَا أَرَادَ حَاجَةً أَبْعَدَ وَ اسْتَتَرَ بِأَشْجَارٍ مُلْتَفَّةٍ،أَوْ بِخَرِبَةٍ بَعِيدَةٍ،أَوْ بَرِّيَّةٍ بَعِيدَةٍ [1]،فَخَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ لِحَاجَةٍ وَ أَبْعَدَ فَاتَّبَعُوهُ،وَ أَحَاطُوا بِهِ وَ سَلُّوا سُيُوفَهُمْ عَلَيْهِ،فَأَثَارَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَلاَ مِنْ تَحْتِ رِجْلِ مُحَمَّدٍ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)مِنْ ذَلِكَ الرَّمْلِ جَرَاداً كَثِيراً،فَاحْتَوَشَهُمْ [2] وَ جَعَلَ يَأْكُلُهُمْ،فَاشْتَغَلُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْهُ.فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)مِنْ حَاجَتِهِ وَ هُمْ يَأْكُلُهُمُ الْجَرَادُ رَجَعَ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)إِلَى أَهْلِ الْقَافِلَةِ،فَقَالُوا لَهُ:يَا مُحَمَّدُ،مَا بَالُ الْجَمَاعَةِ خَرَجُوا خَلْفَكَ وَ لَمْ يَرْجِعْ مِنْهُمْ أَحَدٌ؟فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):جَاءُوا يَقْتُلُونَنِي فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَرَادَ.فَجَاءُوا وَ نَظَرُوا إِلَيْهِمْ فَبَعْضُهُمْ قَدْ مَاتَ،وَ بَعْضُهُمْ قَدْ كَادَ يَمُوتُ،وَ الْجَرَادُ يَأْكُلُهُمْ،فَمَا زَالُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِمْ حَتَّى أَتَى الْجَرَادُ عَلَى أَعْيَانِهِمْ، فَلَمْ يُبْقِ مِنْهُمْ شَيْئاً.

وَ أَمَّا الْقُمَّلُ،أَظْهَرَ اللَّهُ قُدْرَتَهُ عَلَى أَعْدَاءِ مُحَمَّدٍ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)بِالْقُمَّلِ،وَ قِصَّةُ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَمَّا ظَهَرَ بِالْمَدِينَةِ أَمْرُهُ،وَ عَلاَ بِهَا شَأْنُهُ،حَدَّثَ يَوْماً أَصْحَابَهُ عَنِ امْتِحَانِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِلْأَنْبِيَاءِ(عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)،وَ عَنْ صَبْرِهِمْ عَلَى الْأَذَى فِي طَاعَةِ اللَّهِ،فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ:إِنَّ بَيْنَ الرُّكْنِ وَ الْمَقَامِ قُبُورَ سَبْعِينَ نَبِيّاً مَا مَاتُوا إِلاَّ بِضُرِّ الْجُوعِ وَ الْقُمَّلِ.فَسَمِعَ ذَلِكَ بَعْضُ الْمُنَافِقِينَ مِنَ الْيَهُودِ،وَ بَعْضُ مَرَدَةِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ،فَتَآمَرُوا بَيْنَهُمْ وَ تَوَافَقُوا لَيُلْحِقُنَّ مُحَمَّداً بِهِمْ،فَيَقْتُلُونَهُ بِسُيُوفِهِمْ حَتَّى لاَ يَكْذِبَ،فَتَآمَرُوا بَيْنَهُمْ،وَ هُمْ مِائَتَانِ،عَلَى الْإِحَاطَةِ بِهِ يَوْمَ يَجِدُونَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ خَارِجاً.

فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)يَوْماً خَالِياً فَتَبِعَهُ الْقَوْمُ،فَنَظَرَ بَعْضُهُمْ [3] إِلَى ثِيَابِ نَفْسِهِ وَ فِيهَا قَمْلٌ،ثُمَّ جَعَلَ بَدَنَهُ وَ ظَهْرَهُ يَحُكُّهُ مِنَ الْقَمْلِ،فَأَنِفَ مِنْهُ أَصْحَابُهُ،وَ اسْتَحْيَا فَانْسَلَّ عَنْهُمْ،فَأَبْصَرَ آخَرُ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ،وَ فِيهَا قَمْلٌ مِثْلَ ذَلِكَ،فَانْسَلَّ،فَمَا زَالَ كَذَلِكَ حَتَّى وَجَدَ ذَلِكَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي نَفْسِهِ،فَرَجَعُوا،ثُمَّ زَادَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ حَتَّى اسْتَوْلَى عَلَيْهِمُ الْقَمْلُ،وَ انْطَبَقَتْ حُلُوقُهُمْ،فَلَمْ يَدْخُلْ فِيهَا طَعَامٌ وَ لاَ شَرَابٌ فَمَاتُوا كُلُّهُمْ فِي شَهْرَيْنِ،مِنْهُمْ مَنْ مَاتَ فِي خَمْسَةِ أَيَّامٍ،وَ مِنْهُمْ مَنْ مَاتَ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَ أَقَلَّ وَ أَكْثَرَ،وَ لَمْ يَزِدْ عَلَى شَهْرَيْنِ حَتَّى مَاتُوا بِأَجْمَعِهِمْ بِذَلِكَ الْقَمْلِ وَ الْجُوعِ وَ الْعَطَشِ،فَهَذَا الْقَمْلُ الَّذِي أَرْسَلَهُ اللَّهُ عَلَى أَعْدَاءِ مُحَمَّدٍ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)آيَةٌ لَهُ.

وَ أَمَّا الضَّفَادِعُ،فَقَدْ أَرْسَلَ اللَّهُ مِثْلَهَا عَلَى أَعْدَاءِ مُحَمَّدٍ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)لَمَّا قَصَدُوا قَتْلَهُ،فَأَهْلَكَهُمُ اللَّهُ بِالْجُرَذِ [4]،وَ ذَلِكَ أَنَّ مِائَتَيْنِ،بَعْضُهُمْ كُفَّارُ الْعَرَبِ،وَ بَعْضُهُمْ يَهُودُ،وَ بَعْضُهُمْ أَخْلاَطٌ مِنَ النَّاسِ،اجْتَمَعُوا بِمَكَّةَ فِي أَيَّامِ الْمَوْسِمِ،وَ هَمُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ [5]:لَنَقْتُلَنَّ مُحَمَّداً.فَخَرَجُوا نَحْوَ الْمَدِينَةِ،فَبَلَغُوا بَعْضَ تِلْكَ الْمَنَازِلِ وَ إِذَا هُنَاكَ مَاءٌ فِي بِرْكَةٍ-أَوْ حَوْضٍ-أَطْيَبُ مِنْ مَائِهِمُ الَّذِي كَانَ مَعَهُمْ،فَصَبُّوا مَا كَانَ مَعَهُمْ مِنْهُ،وَ مَلَأُوا رَوَايَاهُمْ [6] وَ مَزَاوِدَهُمْ


[1] (أو برية بعيدة)ليس في المصدر.

[2] احتوش القوم على فلان:جعلوه وسطهم«الصحاح-حوش-3:1003».

[3] في المصدر:أحدهم.

[4] في«ط»نسخة بدل:بها.

[5] في«ط»نسخة بدل:فيما بينهم.

[6] رواياهم:جمع راوية،و هي الوعاء الذي يكون فيه الماء،و تسمّى المزادة.«لسان العرب-روى-14:346».

اسم الکتاب : البرهان في تفسير القرآن المؤلف : البحراني، السيد هاشم    الجزء : 2  صفحة : 576
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست